إن مجلس الشورى لم يكن وليد الحاضر كما يعتقد البعض، ولكنه قد مر بمراحل مختلفة في التكوين السياسي للملكة العربية السعودية ، إلا أن صفة التعيين الملكي كانت هي السائدة رغم بعض ملامح الانتخاب التي جرت في المراحل الأولى فقط ففي عام 1924أصدر الملك عبد العزيز -رحمة الله عليه – قراراً يقضي بتأسيس “المجلس الأهلي الشوري” والذي ضم في عضويته 12 عضواً أنيط به تنظيم المواد الأساسية لإدارة البلاد، إلا أن هذا المجلس لم يستمر سوى ستة أشهر فقط وفي 1925 صدرت أوامر من الملك عبد العزيز – رحمة الله عليه – بتشكيل مجلس آخر عرف “بـالمجلس الأهلي الشوري العام” وكان على أساس مبدئي الانتخاب والتعيين ويمثل حارات مكة المكرمة التي كان عددها (12) حارة على أن يكون من أعضائه إثنان من العلماء، وواحد عن التجارة، إضافة إلى ثلاثة أعضاء يعينهم الملك عبد العزيز من أعيان البلد ، وكان هذا المجلس أكثر تنظيماً عن سابقه وذلك بوجود نائب للرئيس، وأمين للسر، ثم جاءت تعليمات بعد ذلك بتشكيل هذا المجلس في ست مواد، حددت شروط العضوية، وآخر موعد للإقتراع، ومن لهم حق الإقتراع، وهي تعد النواة لنظام مجلس الشورى الذي تأسس فيما بعد، أما في مايتعلق بمهمات المجلس، فقد شملت الجوانب الحياتية، إضافة إلى تشكيل لجان دائمة لحل المشكلات التي يُرجع فيها إلى العرف بما لا يخالف أصلاً من أصول الشريعة الإسلامية،و بعد حرب الخليج أصدر العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز -رحمة الله عليه- في 1992 قراراً بتحديث المجلس عبر نظام خاص يحل محل نظام المجلس القديم بحيث “يشكل المجلس هيئة عامة مكونة من رئيسه ونائبه ومساعده وأمين عام للمجلس، ورؤساء لجان المجلس المتخصصة بالإضافة إلى 150 عضواً يعينهم الملك ، وتعد العاصمة الرياض المقر الرسمي للمجلس.”وتكون المجلس في دورته الأولى من رئيس و60 عضواً، ليرتفع العدد في دورته الرابعة إلى 150عضواً إضافة للرئيس ولم يجرى أي تعديل ملكي على هيكلية المجلس الذي يعيش السنة الثالثة من دورته الخامسة بعد تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 2005،وحينما أفتتح خادم الحرمين الملك عبدالله رحمه الله أعمال الدورة السادسة لمجلس الشورى، أصدر قرارا بمشاركة المرأة عضوة لأول مرة في تاريخ المجلس معلنا في قرار حكيم مشاركة المرأة بمجلس الشورى والمجالس البلدية ومنحها الحق في الترشح لعضوية المجالس البلدية و”ترشيح” المرشحين وكان خادم الحرمين الشريفين قد أصدر مرسوماً ملكياً بإعادة تشكيل مجلس الشورى بحيث يضم 150 عضواً بينهم 30 امرأة يتمتعن بعضوية كاملة في المجلس، ليصبحن أول نائبات سعوديات في تاريخ السعودية يشكلن خمس أعضاء المجلس وبنسبة 20%، وهذه خطوات جيدة في الإصلاحات السياسية والاقتصادية في نظام الدولة التي تمت في عهده -رحمه الله- وضعت المرأة السعودية في مراتب متقدمة مقارنة بدول العالم، فقد جاء حجم المشاركة النسائية في مجلس الشورى متفوقاً على الولايات المتحدة، وفي المرتبة الأولى مقارنة بالمجالس المشابهة في دول الخليج، وفي المرتبة السادسة عربيا،ً ولكن مجلس الشورى لازال يحتاج إلى إصلاحات في نظامه خاصة إذا علمنا بأن هناك زيادة كبيرة في نسبة السكان وهذه الزيادة بحاجة إلى تطوير وزيادة عاجـلة لكـافة خدمات الإسكان والتعليم والرعاية الصحية والبلدية والمرافق الحكومية والخدمات من صرف صحي ونقل وماء وكهرباء وإتصالات وغيرها ،وإذا علمنا أن نسبة السكان غالبيتهم من الشباب ممن هم تحت الخامسة عشر تتجاوز ٦٠٪ مع وجود بعض الفساد الأداري والمالي وتعثر في المشاريع فنجد أنفسنا أمام أزمة حادة ما لم يتم المبادرة إلى حلها فسوف يكون الوضع صـعبا ًفهيئة مكافحة الفساد لا تستطيع مكافحته لوحدها فالمطلوب إيصال صوت المواطنين لصاحب القرار من خلال إنتخاب أعضاء مجلس الشورى من الشباب لديهم مؤهلات عليا مع إعطائهم صلاحيات كبيرة في المحاسبة والتشريع والمتابعة والمراقبة على المال العام والميزانية ،فالمجلس بحاجة للتغير الآن عن أي وقت مضى بسبب إستشراء الفساد المالي والإداري في بعض الوزارات وتعثر المشاريع ،كما أن الحاجة إلى الإصلاح والتغيير أصبحت ملحة في ظل التغيـــرات الهائلة التي يمر بها المجتمع سواء من ناحية البطالة وارتفاع عدد العنوسة والطلاق والجريمة إلى معدلات خطيرة وتتفاقم مع تقادم الأيام والسنون ،وفي ظل عالم منفتح واعلام حر فالمجلس بحاجة في الوقت الراهن ولو في البداية إلى إنتخاب ” جزئي ” نصف أعضاء المجلس من الشباب ذو المؤهلات العليا والخبرات بحيث يكون هناك أفكار جديده ووجود دماء جديدة من الشباب في مجلس الشورى والنصف الباقي يتم تعيينهم من قبل الحكومة وتكون كوادر مؤهلة ولديها شهادات عليا بدلا من كبار السن الذين في المجلس ولكنهم في الغالب كانوا موظفين سابقين في الوزارات الحكومية، وأغلب جلسات المجلس يكونوا نائمين وليس لديهم أطروحات فيها فائدة للشعب وتطوير الدولة لتثري مجلس الشورى، فهل سنرى في القريب إنفتاح جديد من خلال انتخابات حرة و نزيهه لمجلس الشورى، أم يبقى الوضع على ماهو عليه.
سلمان محمد البحيري
شاهد أيضاً
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …