كم أنت قاسية يا ذكريات تعيدنا لا أشياء ولا تعيدها إلينا ، فحياتنا كصندوق
كنز ثمين، يحفظ في داخله أسرار يصعب البوح بها خوفاً من فقدانها رغم فقدانها
مع الماضي،فمنها الجميل والحزين والمؤلم كالداء الذي ليس له دواء ، ومنها ماكان
صدفة لم نعطيه شيء من الإنتباه وقتها ، فبين الحين والأخر تأخذني في عالم بعيد
عن أرض الواقع و كاللغز الذي يصعب حلة لصعوبة فهم معناه للوصول إليه، وأماكن
في خارطة الحياة سقطت وأخرى نهضت دون مشاركة منا ، لكن تبقى كالحبر الذي
لايمحى من الورق ، حتى أبسط الأشياء لاتغيب عن البال نود لو أنها شيء ملموس
ربما لنحرقه بين الجمر ليرمى رماده للرياح حتى لايعود .
والغريب عند هطول قطرات المطر ينحدر الدمع من العين لاشعورياً أو بإحساس
مؤلم كالضرب المدرك ، فهل هو وقت الصمت أو توقف الزمن لحظتها لثقل الدقائق،
أم لم نتعلم بغياب من نشتاق إليهم ، أنا نبقى كالطائر الذي يلف الكرة الأرضية دون تعب
وبوجودهم تضحك الأحزان وتمحى الهموم ، رغم ذلك سأظل أطلب الذكريات
كل ليلة عند السكون لأسترق السمع لنبضات قلبي كي أعتني به لهزلة صحته وإمتلاءه
بملامح لا أراها إلا في الخيال المستحيل فلاشيء يدعوها للقرب أو الحقيقة .
لذلك مازلت أفضل الهدوء والظلام بضوء خافت لأنطوي بين الذكريات ،وأشتم عبق زهرالنرجس
الذي بين يدي ، لأستفرد بذاتي وسرحان العين بألوانها.
والصوت الذي يدور بمسمعي المخيف ، كيف إحتملت كل هذا ! لأجيب :
لأن الحياة تجبرنا عليها .
وكأن للذكرى قلبا لاينبض إلا ليلا، لأنها شيء فوق الإرادة لاتنسى ولاتمحى مع الزمن.
شعر:
ذكرى يعود إِلى الفؤاد حنينها دوماً إِذا ذاق الفؤاد أسات
دعني أمتِع بالتذكر خاطرتي وعلى الطلول أمتع النظرات
بنت الحجاز