كيف تكون كاتباً ؟!

إبحث عن فكرة وكن جريئاً ولا تخجل وأكتب ولو رسالة قصيرة في الجوال أو خاطرة لصديق أو لشخص عزيز عليك ولكن المهم أن تكتب،وأكتب خواطرك في مفكرة أو مدونة ورقية وعبر عن رأيك في الأشياء التي قد عانيت منها أو في الأشياء التي أنت تحبها أو تحلم بها أو أكتب حتى من خلال الخيال،أكتب في الشيء الذي أنت بارع فيه فالكاتب الماهر مثل الطباخ الماهر الذي يملك نفس جميل في الطبخ وجرب أوضاع وأماكن الكتابة وأين تجد راحتك أثناء الكتابة، جرب الكتابة في أوضاع مختلفة، بالقلم على الورق أو إلكترونياً،في الصباح و المساء وفي أماكن هادئة أو حولك ناس وأنظر متى وأين يأتيك الإلهام، لكي تصل بك إلى ذروة وغزارة الكتابة بشكل أسرع.
وعليك بقراءة أمهات الكتب مثل القرآن الكريم والبداية والنهاية وزاد المعاد والمغني والعقد الفريد وألف ليله وليله ومروج الذهب وكتب الرافعي وجبران خليل جبران وحليمه مستغانمي والشيخ على الطنطاوي والشيخ محمد الغزالي والدكتور غازي القصيبي حيث تتعلم الأسلوب الرائع وفن الكتابة والسلاسة فالكتابة تعتمد على القراءة، تقرأ أكثر، تكتب أكثر تقرأ جيداً لتكتب جيداً،تقرأ عميقاً تكتب عميقاً!
وإذا أردت بأن تكتب في موضوعاً فليكن لك مصادر من كتب أو من مقال ابحث عن المعلومة سواء كنت تكتب قصة أو مقالة أو بحثاً،لا تكتب عن معلومة لست متأكداً من صحتها أنفق جزء من وقتك للبحث قبل الكتابة وأبحث في مصادر مختلفة لكي تكتب بثقة ويكون لديك مصداقية، مثل: الإلمام بالجانب العلمي حول ماتكتب،مثلاً إذا كتبت قصة تتطرق فيها للجانب الفلسفي فلابد من الإلمام بالجانب الفلسفي في النص حتى يتسنى لك ترتيب أفكارك في النص ويكون لديك معلومات قد تجعل ماتكتبه مفيداً مهما كانت عدد كلماتك.
اقرأ في كتب حتى لو كنت تختلف مع مؤلفيها لكن المقصد أن تقرأ للجميع، سواء لمن يمثل توجهك الفكري، أو توجها فكرياً آخر، فالمهم أن تقرأ للجميع، لكي تعود نفسك أولاً على سماع وجهة النظر التي تخالفك، ثم أن تستفيد منهم وتعرف الأساليب التي قامت عليها تلك الكتابات، هذا الأمر قد لا يعزز الكتابة فقط، بل ينمي فكرك ويجعلك لا تسلم لجميع الأفكار بدون أن تراها من الزوايا الأخرى ، فأقرأ لتطلع على ما تعرفه وما لا تعرفه، ليكن إطلاعك واسعاً لتكون أفكارك واسعة بقدر إطلاعك وستكون كتاباتك غنية وغزيرة ومثرية لكي تنوع في كتاباتك بقدر الإمكان سواء في الأسلوب أو المواضيع، اكتب عن مواضيع لم تكن تعرف عنها شيئاً من قبل ولكن بعدما قرأت عنها كتبت عنها وحاول أن تكتب قصة وإن لم تجرب ذلك من قبل أو اكتب مقالة علمية تحتاج لدقة في كتابة عن المعلومات والتي عادة تكون معها إحصائية بالأرقام و لا تسجن نفسك في نوع واحد من الكتابات والتنوع في الكتابة هو الذي يجعلك كاتباً بارعاً وجديراً بالثقة،ولاتكتفي بالقراءة المعمقة في نفس تخصصك، ولكن عليك القراءة المتنوعة في كافة التخصصات الأخرى.
وخذها قاعدة إذا أردت كتابة صفحة واحدة فإن عليك قراءة 10 صفحات ، لكي يتسنى لك القدرة على التعبير واستخدام عبارات صحيحة في محلها لكي لا يكون أسلوبك ركيكاً
وحاول أن تجعل بالقرب منك مفكرة في مكتبك أو بسيارتك أو عند سرير نومك لتسجيل مشاهداتك وأفكارك وملاحظاتك، هذا سيريحك حتى لا تذهب الفكرة وتنساها لكي يتسنى لك البحث في مايخص في تلك الفكرة وبذل الجهد الذهني في البحث عنها فتأسيس الفكرة مهم لكي يتسنى لك كتابة مسودة و بناء الموضوع بعد الإطلاع على مصادر،حيث تكون المرحلة الأولى مسودة تسرد فيها أفكارك سردا هو أقرب للعصف الذهني، ثم تتدرج للمراجعة التي ربما تجعلك تعيد الصياغة جزئيا أو بالكامل، وبعدما تنهتي من كتابة الفكرة أتركها لتنضج على موقد عقلك لفترة زمنية لا بأس بها قبل الكتابة فربما ترد إليك أفكار أخرى لتضيفها لفكرتك الأصلية.
وحينما تكتب إجعل قلمك يسترسل ولا تقمعه وليس بالضرورة أن تعرف نهاية ما تكتبه أو النتيجة التي ستصل إليها فدع قلمك يقودك لنهاية لا تعرفها حتى يقف ويقول لك أنا إكتفيت!
وأهتم بصدق ماتكتب عنه فإن هذا يرفع مصداقيتك ويبرز شخصيتك عند القراء وكن أميناً مع نفسك، صادقاً في ماتطرحه، وأسمح للآخرين بعد ذلك أن يختلفوا معك.
وليكن لك بصمة و مصداقية في ماتكتبه لأنك إنسان لك حرية التعبير ولك عقل مفكر، أكتب ماتراه صحيحاً من وجهة نظرك حتى وإن كان المعترضين كثير وبقيت أنت وحيداً،ولتكتب بما تشعر به ولاتضع في حسبانك رضا القراء أو غضبهم حتى لاتكون أسيراً لعادات و تقاليد المجتمع التي بعضها لايتفق مع دين أو عقل.
ولاتكون في كتاباتك “مع الخيل يا شقرا” أو “خالف تعرف” لكي تشتهر! كما لا تكتب لأجل الإعجاب بك أو للفت الأنظار أو لإستفزاز المجتمع ولكن أكتب بإحساس صادق بما تشعر به.
وعليك بإختيار العنوان الرئيسي المثير لموضوعك ، فهو أهم من النص مثل أن غلاف الكتاب أهم من المحتوى يجذب القارئ قبل المحتوى، فأحرص على أن يكون العنوان جذاب،لإنه سيجذب قراء أكثر،كما أن السطر الاول من المقال سيكون الأهم بعد العنوان، وأبدأ بالتسلسل المنسجم في أجزاء مقالك لكي تكون الفكرة منسجمة تنساب بشكل منطقي متسلسل يضيء بعضها بعضاً ليكون النص مترابط في الجمل وهو أمر ضروري لجودة الكتابة وحتى لا تشتت القارئ، فأعتمد في كتابة النص على العبارات المتماسكة،وتجنب الحشو والجمل الاعتراضية، والاكثار من استخدام أدوات الربط والاستدراكات واختم بآخر سطر بقوة فهو ما يبقى في الذاكرة، حيث تختم نصك إما بجملة مركزة تمثل خلاصة الموضوع، وإما بجملة مفتوحة تدفع القارئ إلى التفكير بطريقة إيجابية في ما كتبت.
كن بسيطاً في كتابتك ولا تتكلف، فالبساطة في الكتابة فن! فالتحدي هو كيف تبسط الأفكار المعقدة في ذهنك ثم تكتبها لكي يقرأها الناس، دون أن تجعلها تبدو تافهة وسطحية، بحيث تجعل الرجل الكبير في السن أو طفل عمره 10 سنوات يفهمان ماتكتبه ويستمتعان، فإذا إستطاع هؤلاء الاثنان فهم ما كتبت فقد نجحت،والتزم باللغة العربية الدارجة التي تفهمها الشعوب العربية، لكي تكون وسيلة للوصول لأكبر قدر ممكن من العرب، وابتعد عن الجمل المعقدة، والتي لاتعرف إلا بالمعجم ولا تتكلف باختيار المصطلحات ذات الفسلفة المعقدة والغامضة.
والكتابة تحتاج للتدريب كل يوم، فالكتابة كممارسة الرياضة يحتاج على الأقل كتابة 500 كلمة، لكي تصل لمرحلة الإبداع.
وإذا كان لديك فكرة أو شخص قد أوحى لك بفكرة ، ناقش شخص تثق برأيه حول الفكرة التي تود طرحها قبل أن تبدأ بالكتابة، فهذا سيمدك بتصورات وملحوظات أنت بحاجة إلى لإستحضارها لتكتمل الرؤية لديك، وأحرص على الكتابة بأسلوبك الخاص ولاتقلد أحداً لكي يكون قلمك متميز يشبهك وهذا لايمنع من عرض كتاباتك على آخرين،مثل بعض الأصدقاء أو مختصين بغرض أخذ رأيهم فيها أولتصحيحها و تدقيقها نحوياً ولغوياً.وعليك الإلتزام بالحقوق الفكرية للآخرين، فإذا أردت الإستشهاد بمقولة أو نص فلا بد أن تشير لصاحبه .
وعليك حين كتابة النص إستخدام النقطة والفاصلة وعلامتي التعجب والإستفهام لكي تسهل على القارئ قراءة النص
وحين تنتهي من كتابة النص تريث ، ولاتنشر حتى تقرأ ماكتبت وتقتنع به،وعليك مراجعة ماكتبته عدة مرات بعد الإنتهاء من الكتابة ، عليك أن تعيد قراءة النص بعين المتلقي أولاً، ثم بعينك الناقدة ثانياً هل يُمثِلك هذا النص أم لا ؟! اقرأه ثم صححه ، اقرأه بصوت مسموع ثم أضبطه وبعدها ستكون قد إنتجت نصاً جميلاً يقرأ ويستحق النشر وبعد مرور بعض الوقت عد إلى قراءته ولا تتردد في التعديل عليه ثم كتابة النص ليخرج للنور وينشر، فالكتابة ليست تضييع وقت، ولكنها صناعة وفن وليست سلوكاً عفوياً إرتجالياً كما يحلو للبعض أن يتصوره.
سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …