إتفقت مع بعض الأصدقاء على أن تكون رحلتنا للبر يوم الأربعاء بعد العصر حيث أننا جميعاً مرتبطين في الإجازات الأسبوعية المقبلة فلذلك وقع الإختيار على يوم الأربعاء بحيث سنعد عشائنا وقهوتنا هناك ونقضي وقتاً ممتعاً لآخر الليل، لذلك تم الإعداد للرحلة وقمت بتجهيز الأغراض من لحم وفاكهة وخضار وغيرها من أغراض الرحلة وأما الحطب والقهوة والشاي والبهارات والرز وغيرها كانت مع أبوعبدالله في سيارته البيك اب نيسان ثم توجهنا إلى طريق القصيم ،حيث كانت النية الذهاب إلى شعيب الطوقي وبعد أن مررنا بنقطة التفتيش أكملنا طريقنا وبعد ساعة ونصف تقريبا وصلنا إلى الشعيب وكان منبسطاً وسهلا ومفروشا بالرمال وفي بعض منه مفروشا بالرمال والطين وبعضه الآخر بالرمال والحصباء وكان شعيب من على جانبية هضاب بعضها مرتفع والبعض منخفض ، وبعدما وصلنا للمكان المناسب في الشعيب كانت الشمس الذهبية الجميلة في لحظة الغروب حيث أشعتها تسطع في الماء بممر الوادي الكبير الذي بجانبنا وبعدما نزلنا أغراضنا وأنزلنا الحطب وفرشنا الفرشة ووضعنا شنط رحلة البر واغراض أخرى بالقرب من ممر الوادي بعد السيل الذي كان منذ ليلتين وكانت الأرض ندية وطرية من الرمل الناعم ثم اشعلنا النار وبعدها بلحظات غسلنا الفاكهة من تانكي الونيت وكانت فاكهتنا برتقال ويوسفي وموز وقد تناولناها لكي نسكن لهيب الجوع لأن عشائنا سيكون بعد العشاء،وثم ملئنا الأبريق وزل القهوة بالماء الحلو من تانكي السيارة حيث يوجد في السيارة تانكين ثم أخذ صديقي أبوعبدالله بإعداد القهوة والشاي بعدما أخذ يفور الماء، بالقرب من النار وأعد القهوة والشاي حيث شربنا بعضاً من الفنجانين والأكواب منها، وبعد العشاء بدأ الظلام يكون دامساً وبدأت السماء تتلئلئ بالنجوم فكأنها قطعة قطيفة سوداء فاخرة مزينة بقطع من الألماس حيث كانت النجوم تلمع والسماء تضيء وبعدها شدني المنظر وأستلقيت على الرمل وبدأت أتأمل السماء وكان المنظر مهيباً وجميلاً وكان الهدوء يسود المكان فلا يوجد صوت سيارة أو طائرة أو بشر ولكن هناك صوت الطيور من حمام وعصافير وكانت أجواء خيالية ثم بعدما صلينا المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، شرعنا جميعاً في إعداد العشاء في قدر الضغط حيث قررنا بأن نعد الكبسه وتقرر بأن أبو عبدالله هو الشيف المسؤول وأنا وصديقي ابوسلمان مساعدين له حيث كنا نقطع الطماطم واللحم والبصل ونغسلهم وبعد التقطيع غسلنا الرز ونقعناه حيث في كل رحلة يكون الطبخ على واحد والبقية مساعدين له، رحت أنظر لشعيب الطوقي حيث كان مظلماً فلا كهرباء ولا أنترنت وإنما مصباح السيارة والذي كان يعمل على بطارية السيارة وكان الجراد والفراشات واليعسوب تتخاطف من حولنا ولقد كنا نمشي على الأرض الرملية ونحن حفاة وكانت حبات الرمال تلامس أقدامنا واصابعنا وشعرت بأن رمال هذا المكان ونجومه قد إمتصت كل طاقة سلبية وتوتر وقلق وشعرت بالهدوء والسكون والطمأنينة لذلك حينما أكون متواجداً في الطبيعة أشعر بالصفاء الذهني وأفكر بمشاعر وعقلية مختلفة وبعدما نضج العشاء وضعنا السماط وغسلت الصحن وتم وضع العشاء فيه وكان طعمه لذيذاً حيث كان مطبوخا على حطب طلح وسمر وكان مشروك وكل مشروك مبروك، وكنا نتحدث على العشاء عن رحلاتنا السابقة وعن أصدقائنا الذين كانوا معنا و قد اشغلتهم حياتهم وظروفهم ولم يستطيعوا الحضور معنا، ثم قمنا بغسيل القدر والصحن وقام ابوعبدالله بصنع القهوة والشاي وجلسنا حتى الساعة الحادية عشر مساء ثم نظفنا مكاننا وحملنا أغراضنا وعدنا أدارجنا للرياض ، فرحلة البر مميزة ولكن فقط التوفيق في إختيار الصحبة الممتازة والمكان والزمان المناسبين وستتفاجئون بمتعتها وسحرها وبالأثر العظيم الذي ستتركه في ذاكرتكم، ولذلك لاتتذمروا من إنقطاع الأنترنت والإتصالات والكهرباء فكونوا بعيدين عن الأجهزة لكي تتأملوا أكثر وتستمتعوا بالرحلة مع أصدقائكم وتتحدثوا طبيعياً مع بعضكم بعيداً عن الأجهزة وتشعروا بأنكم تعيشوا حياة طبيعية،ولقد عدت بعد هذه الرحلة إلى البيت وأنا ممتلئ بالأوكسجين والهواء النقي والأمل والتفاؤل والسعادة والطاقة الإيجابية بعد رحلة ولو أنها متعبة قليلاً وقصيرة ولكنها كانت كفيلة بإعادة التوازن البيلوجي لدي وتفريغ الطاقة السلبية من قلق وتوتر إلى هدوء و صفاء في الفكر وتأمل بعيداً عن إزعاج المدينة وتلوثها وشعور بأن الحياة جميلة.
سلمان محمد البحيري