اعرف قدر نفسك

هناك صديق لي نهم في القراءة ويحب الكتابة ويتمنى أن يكتب ولديه شهادة بكالوريوس في اللغة العربية، ولكن ليس لديه الجرأة وسألني في يوم ما وقال: كيف أكتب فأنا أريد أن أكتب ولكن ليس لدي الجرأة لخوفي من انتقادات المحيطين بي، كما أخاف من انتقاد الناس واستهزائهم بكتاباتي لو كتبت ، فنصحته بالكتابة ولو في البداية بدفتر خاص ليكتب فيه مايريده ومايشعر به لكي يعبر عن رأيه ،ثم قال لي وإذا كتبت في دفتري مالفائدة وماذا سيتغير فيني؟! فقلت له أنت تعبر عما تشعر به وتفضفض عن همومك وتفرغ مشاعرك من حب وإيمان وغضب وكبرياء وعتاب وتسامح وتأمل وأمل وتفاؤل وعلم على الورق،وستشعر بالراحة بعد ذلك ،وحينما تقرؤه في المستقبل ستراه جميلاً،كما أنك تكتب عما تريد أن تعمله في الحاضر والمستقبل وماتنوي تحقيقه على مراحل وهذا سيفيد كثيراً للوصول إلى تحقيق طموحك وستشعر بأن كتاباتك قد أصبح لها قيمة وصار لك لون وأسلوب مميز بك في الكتابة ،ثم بعدها بسنوات سترى أن إنتاجك قد أصبح غزيراً جداً وأسلوبك صار جميلاً حينها تفكر بأن تطبع ماقد كتبته في كتاب أو كتيب صغير، فجميعنا علينا الكتابة فيما نحبه ومانتقنه فالمزارع عليه أن يكتب خبراته والمهندس عليه أن يكتب تجاربه والطيار عليه أن يكتب عن مغامراته وخبرته في الطيران والتاجر كذلك عليه أن يكتب عن نجاحه في تجارته من خلال تجاربه ،لكي يستفيد منها الناس ،ولاتأبه لكلام الناس المحبطين وخاصة المحيطين بك ، حينما يقولون لك مالجديد الذي ستضيفه أكثر من الكتاب الذين سبقوك؟! فأرح نفسك وكن مثلنا عادياً وأرح عقلك لأنك سوف تفشل، فأنا حينما كنت أكتب كان هناك بعض المحبطين الذين يستهزئون بكتاباتي فبعضهم قد قال هذا يريد أن يكون مثل جبران خليل جبران زمانه ولكنه لايعرف!! وإذا كتبت في المقال الاجتماعي قالوا هذا ليبرالي أو وطنجي ومطبل ،وإذا كتبت في المقال السياسي قالوا هذا يريد أن يصبح مثل تركي السديري ولكن لايعرف، وأما إذا كتبت في القصة قالوا يريد أن يكون مثل نجيب محفوظ ولكنه فاشل !! لذلك ياصديقي رضا الناس غاية لاتدرك ويجب أن يكون لديك ثقة في نفسك ومثابرة وإصرار مادام أنك مقتنع بشغفك وعملك وتطوير قدراتك من خلال القراءة وكثرة الكتابة ،لكي تصقل الموهبة وينمو عندك الإدراك ويقوى الإحساس ويزداد لديك كلُ من الثقافة والوعي، وسترى بعد فترة بأنك أنت من تحكم على نفسك من خلال الإنجاز الذي عملته ويكون لديك ناقد بداخلك لايرضيه أي شيء ولايجامل ،ومن خلال زيادة المهارات والنتائج مع مرور الوقت سترى بأنك قد تجاوزت محطات كثيرة لأجل الوصول إلى هدفك مهما كانت الظروف والمؤثرات الداخلية والخارجية التي تمر بك،وحتى لوتعرضت للفشل عدة مرات فهذا ليس بفشل،ولكن خذها على أنها خبرات وتجارب وسيصبح لديك أسلوب إيجابي أنت تمارسه دوماً مع إصرارك ومثابرتك وسوف تصل من خلال عملك وإرادتك للنجاح،وأما إعجابك ببعض الكتاب الكبار فهذا شيء طبيعي وهذا ليس دليلاً على أنك لاتستطيع بأن تنجح مثلهم أو أنك سوف تقوم بمحاكاة كتاباتهم  ولكن سوف يكون لك شخصيتك وأسلوبك وبصمتك الخاص بك ويصبح لديك قدرات وأن ماتعمله له قيمة وأن بداخلك معجزات وستكون في المستقبل من ضمن الكتاب الذين يشار لهم بالبنان، وتكون ملهماً للآخرين ،بدلا من الاستسلام للعجز والخوف وتكون على الهامش ولاتعرف قدر نفسك لأنك لاتملك الجرأة والثقة في نفسك ، لأنك تظن نفسك لا تستطيع ولاتملك شيئاً له قيمة.

سلمان محمد البحيري   

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …