صديقي عبدالله لم أره منذ عيد الفطر،حيث كان كلاً منا مشغول في دنياه ولكن الاتصالات موجودة،وحينما جاء عيد الأضحى قررت زيارته في منزله،ولكني تواصلت معه قبل ذلك بالجوال لكي أخبره بأنني أود زيارته وقال لي الله يحييك بعد العشاء ،فقلت له بشرط أن لا تتكلف قهوة وشاي فقط فقال طيب خلنا نتعشى ماغير أنا وأنت فقلت له الله يكثر خيرك فأنا لم أتغدى إلا عقب العصر فقال لي أنا في إنتظارك وبعد صلاة العشاء توجهت لمنزله وعندما نزلت من السيارة توجهت لباب المنزل و ضغطت على الجرس ففتح لي وحياني بحفاوة وإبتسامة وحينما دلفنا إلى الديوانية أخذنا نتحدث عن أمور كثيرة وثم سألته عن أحوال والدته وزوجته الصحية فقال: لازالتا مريضتان والحمدلله على كل حال ولازلت آخذ لهن بالإسباب في العلاج،فقلت له لماذا لاتفكر في الزواج وتعيش حياتك وخاصة أنك لازلت شاباً ومقتدراً، فقال مع تنهيده زوجتي حينما بدأ معها المرض منذ ثمان سنوات قالت لي وهي منهارة يائسة وهي تبكي أريدك بأن تطلقني فأن لم أعد أنفع بأن أكون لك زوجة،فقلت لها لماذا هل أنا قد أسأت لك في يوم من الأيام أو قصرت في حقك فقالت لا ولكن أنا لم أعد أصلح لك كزوجة فقلت لها ومن قال لك بأنك لاتصلحي بأن تكوني لي زوجة، فأنتِ مريضة وهذا ليس ذنبك وأنا لن أتخلى عنك لأجل أنكِ مريضة،وهل لو كنت أنا المريض ستتخلين عني،فقالت لا يمكن أن أتخلى عنك ، فقلت لها وأنا كذلك فأنا لن أخذلك وأطلقك وأجعل من هذه عذر لكي أزيد من الآمك ومرضك أو حتى أتزوج عليك وأكون أنا والمرض عليك،والحمد لله نحن لدينا أولاد وبنات وماحاجتي بالزواج من امرأة أخرى،فوجودك في حياتي يكفيني،ولن أنسى مواقفك معي في بداية حياتي فأنتي قد صبرتي علي في فقري ووقفتي معي في شدتي وبعتي ذهبك حتى أغناني الله وعوضتك عنه بعد ذلك فهل جزاء الإحسان بالإساءة أم جزاء الإحسان بالإحسان ،فقالت ماذنبك بأن تقضي سنين من عمرك عازباً والشرع قد حلل لك أربعاً فقلت لها حتى إذا وجدت لي زوجة مثلك وبجمالك وفي جمال روحك فأنا لن أتزوجها،لأن همي هو الاهتمام بوالدتي وأنتي وإذا تزوجت فلن يكون لدي وقت كافي كالسابق كي أهتم بكم جميعاً لأن الزوجة الجديدة من حقها بأن أعطيها من وقتي ،لذلك أمي وأنتي أهم مافي حياتي ولأجل ذلك لن ولم أفكر في أن تدخل حياتي زوجة جديدة ومايهمني هو صحتكما وعلاجكما وأن تذهبا لمواعيدكما للمستشفي في الوقت المحدد،فقلت له ياعبدالله أنت إنسان بار و نبيل وجميل ووفي ولم تفكر في نفسك فقط أو تتكل على أخوانك في رعاية أمك أو على أولادك في رعاية أمهم، فقال أنا متأكد بأن الله لن يبخسني في الأجر وسيعوضني بالخير الكثير في الدنيا والآخرة ويكفيني رضا والدتي عني ،وأنت كما تعلم لا أبحث عما يعوضني عن زوجتي بالحرام سواء كان ذلك في الداخل أو الخارج وأنا أكون سعيداً حينما تكون حالتا أمي وزوجتي مستقرة وأنام وأنا مرتاح البال حيث أتطمن على حالتهن بنفسي يومياً مرتين في الصباح والمساء عن طريق جهازي الضغط والسكر وأحرص على أن يأخذن علاجهن أول بأول وأعتبر نفسي مقصراً لو تدهورت صحة إحداهن ،ولذلك أعتبر الزواج بأمرأة أخرى هو سيكون على حساب إهتمامي بأمي وزوجتي لذلك لا أفكر في الزواج،ولقد قالت لي والدتي مرة بيني وبينها لماذا لاتتزوج زواج مسيار بدون أن تعلم زوجتك لكي لاينكسر خاطرها فقلت لها ياأمي أنا أرفض مبدأ زواج المسيار من أصله فأنا لو سأتزوج سأتزوج زواج رسمي ومعلن ولكن لا أريد بأن أزيد معاناة زوجتي وجعاً فوق مرضها فما ذنبها في مرضها فهي لم تمرض بإختيارها وهذا ليس بتقصير منها ولكن هذه إرادة الله وإختبار منه في مرضك ومرض زوجتي فهل سنيأس أم نقول الحمد لله على كل حال فقلت له :الله لايحرمك من الأجر ومثل هذا العمل لايستطيعه إلا أولي العزم من الرجال وأسمح لي الآن أريد بأن أسري قبل أن يأخذنا الوقت فقال أسترح ودعنا نتعشى أنا واياك فقلت له لدي عدة مشاوير سأقوم بها قبل آخر الليل وأكرمك الله وتصبح على خير وسنلتقي قريياً إن شاء الله إما في رحلة برية أو في المزرعة بعدما يكون الجو لطيفاً وودعني عند الباب وركبت سيارتي وأنا في الطريق أفكر في أخلاق هذا الرجل ومدى بره بوالدته ووفاءه ومحبته لزوجته.
سلمان محمد البحيري