الصباح الشتوي

في الصباح الشتوي بالنسبة لي يغدو كل شيء رائعاً وشيقاً وأشعر بأن روحي شفافة فرحة خفيفة، وأشعر بالجمال في كل الأشياء الصغيرة، ويغمرني البرد بمشاعر دافئة يغلب عليها الإيمان و الحب والتفاؤل والأمل والتأمل، وعند نزول المطر تكون هناك حكايات أخرى، وخاصة عندما أسير في الممشى صباحاً أتعمد الإبطاء في المشي لكي أستمتع بهذا الجو الغائم الرومانسي، وتأسرني الطبيعة بموسيقاها حينما أسمع صوت الهواء في وشيش النخل والشجر ثم صوت الرعد والبرق وبعدها تنتعش روحي بسماع قطرات المطر، وأشعر بالشجن حينما أسمع غناء الكورال من الديكة والحمام والكناري والعصافير وأشم رائحة عطر الطبيعة من الزهور بعد بقاء ندى قطرات المطر عليها وعلى أوراق الشجر وجريد النخل ، فتشعر روحي بأنها ممتنة و دافئة برغم شدة برودة الجو، وأشعر بالإستمتاع أكثر حينما أرى قوس قزح بألوانه الجميلة مع نسمات المطر ونداه على الزهور في الحديقة، وجمال اليوم إذا كان مشمساً فهو دافئ وترا قمة الجمال عند لحظات الشفق عند شروق الشمس وكذلك  تراه عند لحظة الغروب ثم يليه الغسق والشفق يشير إلى وقتين مختلفين، لأنه يشير إلى الوقت من اليوم بين شروق الشمس والفجر، وثانيا أنها تشير إلى الفترة الزمنية بين الغسق والغروب ولذلك هذا هو الوقت المفضل للغاية للرومانسيين والمتأملين والكتاب والشعراء و الرسامين والمصورين و أيضا الناهضون في وقت مبكر الذين يحبون لمشاهدة شروق الشمس، كما أن التدفئة بالنسبة لي تكون أفضل بشبة النار بحطب السمر في الموقد حيث يضفي على المكان رائحة كرائحة البخور الثمين الذي أذا فاح عبقه شمه الجيران في الحارة ، فالأيام الشتوية كل شيء فيها جميل ومبارك حتى في الوقت، فبقصر النهار وبسبب برودة الجو تستطيع صيام النوافل بيسر وفي طول ليالي الشتاء و تستطيع أن تصلي صلاة الوتر ماتشاء مبكراً وأن تقرأ ماتيسر لك من القرآن الكريم ويكون لديك الوقت الكافي للقراءة في مختلف أنواع الكتب ولو أن تقرأ في كل يوم ساعة، كما تشعر بأن النوم به بركة وتشعر بالإكتفاء عندما تنام لأن الليل طويل وتصحو قبل أذان الفجر لكي تصلي ركعتين قبل الأذان وأنت تشعر بالإمتنان، وجمال الصباح هو في الفجر والبركة فيه دينياً وصحياً ،حيث فيه يكون الجو مشحوناً بالأوكسجين النقي ومع  تغير الوقت من الليل إلى النهار يشعر الإنسان بالسعادة وهو يرا النور في الأفق وبعدها بلحظات تتجلى خيوط أشعة الشمس الذهبية مع نسيم الصباح العليل حيث من صلى الفجر فقد أصبح في ذمة الله حتى يمسي كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم”: ( مَن صَلَّى الصُّبحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ،فَلا يَطلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِن ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ) وقوله إيضاً عليه السلام” من صلى الفجر في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة – هكذا قال- تامة” ولايشعر بهذا الجمال إلا من قد صلى الفجر ثم أخذ يتأمل نور الفجر وشروق الشمس ويكمل الإستمتاع إذا مشى لمدة نص ساعة في الحديقة أو الممشى كل ذلك يكسبه طاقات إيجابية هائلة، فالإستيقاظ المبكر به فوائد جمة دينياً ونفسياً وبدنياً بحيث تبدأ سعادة و متعة الإنسان في الصباح الباكر ثم ينعكس ذلك على يومه كاملاً وخاصة إذا كان في الشتاء.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …