الأريب من يستفيد من الأزمة

إن علامة قوتك وصلابتك وقوة بأسك، هي مجاهدة نفسك في معارك الحياة وحثها على الهدوء والصبر والإيمان بالله والحلم والأمل والتفاؤل مهما تسرب لقلبك من الهم والحزن والوهن والجرح والانكسار، وضبط نفسك وأعصابك عن الغضب والانتقام أو اتخاذ القرارات في لحظة انفعال، وإنما يتطلب الأمر الهدوء والحكمة والروية وتذكر بأن وراء الأزمة هدية من الله وخلف كل محنة منحة، ولذلك يجدر بك إذا حدثت لك أزمة أو انكسار أو فشل أو خسرت شيئاً تحبه أو إذا قست عليك الحياة أو خذلوك الذين من حولك، فليس لك إلا الله ثم نفسك فلولا الله فكيف نستطيع أن نعيش في هذه الحياة التي لا تخلو من الكبد، لذلك لا تقسو عليها ولا تحملها ما أنت فيه أو تلمزها بالغباء أو السذاجة أو قلة الحيلة، لذلك القوي هو من يستطيع مقاومة تلك الأزمات وتحمل قسوتها وأن يصمد طويلاً حتى يتغلب عليها، وليس عيباً إذا هُزم في بعضها فيكفيه شرف الصمود والتعلم منها، وأن يعتبر نفسه في كل أزمة بمرحلة انتقالية وعليه أن يتقبلها كما هي، وعليه أن ينتظر حتى تمر وتأخذ وقتها ويضع خطة لكيفية الخروج منها سواء كانت قصيرة المدى أو متوسطة المدى أو طويلة المدى، وأن يضع هذه القاعدة في حياته بأنه “لا أحد لأحد، ولن يبقى لك إلا الله ثم والديك ونفسك”، ولا تظن أيها الإنسان بأنك من يعاني لوحدك ولكن كما قال المثل الشعبي “كلن عليه من زمانه واقف” وأنت إذا احتسبت في هذه الأزمة أو المصيبة لله وأحسنت الظن فيه فأنت في عبادة وتؤجر على ذلك، وخاصة إذا آمنت وأنت في معمعة حزنك بأن الله هو الذي يفرج ويرزق ويشفي ويسعد ويخلف ويرحم ويعطي ويصرف عن الإنسان أقداراً كانت أسوأ، وأعلم بأن الإنسان مهما بلغ من العلم والمكانة والوجاهة والثراء لا يمكن أن يستغني عن الله ثم عن دروس الحياة، فالكتب نتعلم منها نظرياً ولكن دروس الحياة تعلمنا عملياً، لذلك الإنسان الذي ليس لديه إيمان وبصيرة في التعامل مع أزمات الحياة قد يلجأ للانتحار كما يحدث في بعض الدول المتقدمة برغم الرخاء والحرية، فالحياة حينما تقسو علينا فهي تعلمنا وتعرفنا حقيقة الناس الذين من حولنا لكي نعرف كيف نعيش ونتعايش مع ظروف الحياة وحين نفشل كيف نتعامل مع الفشل وكيف نضع خطة لهدف نصل إليه لكي ننجح وكيف نستمر محافظين على نجاحنا من خلال القراءة والتعلم والمثابرة في العمل والتطوير المستمر، حتى نحقق بصمة خاصة بنا ونترك أثراً لنا في الدنيا والآخرة فعلينا في هذه الحياة بأن نعيش على الإيمان بالله والأمل والتفاؤل، لأن هناك رب رحيم كريم وأن الحياة حلوة مهما قست علينا، كما قد لاحظت في الوقت الحاضر كثرة من يترددون على العيادات النفسية برغم أن منهم أغنياء ومشاهير ومتوسطي الحال، لأن كل واحد منهم يعتقد بأن مصيبته هي الأكبر وأنه لا يعاني إلا هو لذلك فهو محتار ويبحث عن حل وعلاج، فالأريب من يستفيد من كل أزمة وابتلاء لكي ينال الأجر وينال الدرجة العالية من الله، فهذه الأزمة كالسحابة لن تطول ولكن على الإنسان الاستفادة منها بالإيمان والحلم والصبر وحسن الظن بالله.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …