أمي الغالية مهما عملت لكِ، فلن أستطيع أن أجازيك وأوفيك حقك ،لآنكِ كنتِ لي كالنسمات العليلةً التي احتضنتني منذ حملتني في رحمك ثم في طفولتي وسهرك علي حين مرضي وتعبي ،وأنا لا يمكن أن أنسى تلك الأيادي الحنونة التي تعبت من أجلي وأخذت بيدي وصنعت مني رجلاً،فلا يمكن أن أنسى أفضالك علي يا أمي ، فوالدتي منذ عرفتها وهي ضوء المنزل وتحرص على سعادتنا وخدمتنا صغاراً أنا وإخوتي وأحيانا أدخل على والدتي خلسة في غرفتها فأجدها على سجادتها ممسكة بمصحفها وتقراء،وعليها هالة من نور كغيمة ندية تهطل بمطر الحب على من حولها وهي مثل العين التي لاتنضب من العطاء الصامت ، و منذ عرفتها من طفولتي وهي إمرأة هادئة كنسمة الربيع وشفافة كالبلور وفي قلبها حنان الكون، ولكن في السنوات الأخيرة أصبحت أتألم من أجلها لأنني أرى في عينيها أحياناً الألم العميق بسبب المرض الذي نهش في جسدها ، ولكنه لم يستطيع أن ينال من روحها الجميلة برغم أنها لا تستطيع الجلوس طويلا على السرير، ولا تمشي ولا تتحرك إلا بالكرسي المتحرك، ولكن والدتي صامدة وشامخة برغم تعرضها لعدة جلطات في المخ على فترات طويله متفاوته والسبب في ذلك هو دوام تلاوة القرآن والذكر ومحافظتها على أوقات الصلاة ،إن ما يعصر قلبي هو وجود معالم تعرية المرض على وجنتيها بسبب خطوط الألم العميق ويداها المرتعشة المتجعدة من بقايا الحروب المرضية، والذي أدى بها المرض أن يقعدها عن الحركة ولا تستطيع المشي والحركة كما كانت ، تلك هي أمي في شموخها التي تعتبر أعظم وأجمل ما أملك في حياتي ، فلو كان المرض رجلا لقتلته، صحيح أنه قد أخذ من توهجها ولكن لم يستطيع النيل من شعاع قلبها المليء بالحب ليس لأولادها وبناتها فقط ولكن لجميع الناس، وبرغم أنها على الفراش الأبيض منذ أكثر من عشر سنوات سواء كانت في المستشفى أو في المنزل فأحيانا أسمع أنينها ، وأتألم لذلك ولكني لا أستطيع أن أعمل لها شيئاً وليس بيدي حيله ، لأنني لست أملك لها سوى الدعاء والصبر،اللهم إني أشكو إليك ضعف والدتي وأوجاعها اللهم خفف عنها كل مرض وأشفها يارب العالمين وأشف كل مريض.
سلمان محمد البحيري