مدونة مارثا

شرعت الطفلة الإسكتدلندية، مارثا باين (9 سنوات)، بإنشاء مدونة في حزيران (يونيو) 2012 تضع فيها يوميا صورة لفطورها في المدرسة. وتقوم بانتقاد وجبتها الصباحية بضراوة، وكانت مارثا تعتبر الفطور، الذي يقدم لها ورفاقها في المدرسة عقابا وليس غذاء. فهو يخلو من أي نكهة وفقير شكلا ومضمونا. ظلت مارثا تدون يوميا عن فطورها ما جعل مدونتها تكتسب شعبية كبيرة بين الأطفال الإسكتلنديين وغير الإسكتلنديين، الذين استنسخوا فكرتها البسيطة. انهالت على تدوينات مارثا الكثير من التعليقات المشجعة والمؤيدة لها. استضافتها الكثير من القنوات المحلية. شعرت إدارة مدرستها بالحرج الشديد إزاء هجوم مارثا المتكرر. فلم تجد حلا سوى إيقافها عن التدوين وتحذيرها من تكرار هذه التجربة. لم تكن تعلم إدارة المدرسة أن منع مارثا من التدوين سيفتح عليها النار من الاتجاهات كافة. ففور أن علمت وسائل الإعلام والمدونين بهذا النبأ أشعلوا حملات مكثفة في الصحف والمدونات ومواقع التواصل الاجتماعي، ناهيك عن التصعيد القانوني. لم تمر سوى أيام قليلة على منع مارثا حتى عرفتها أوروبا برمتها. صورها تنتشر في أغلب الصحف وتظهر في أكثر القنوات. الصغار والكبار صاروا يعرفونها ويدعمونها. قام بعض المدونين بمبادرة ضخمة تتجسد في حملة تبرعات أطلقوا عليها فطور مارثا تلقت 114 ألف جنيه استرليني خلال فترة قصيرة جدا، تهدف إلى تطوير وجبة الفطور لدى أطفال المدارس.

أمام النجاح الكبير والأصداء الهائلة والضغط الشعبي والإجراءات القانونية التي اتخذت ضدها رفعت إدارة المدرسة قرار إيقاف مارثا عن التدوين واعتذرت لها وأسرتها وكل المتضررين من عدم توفير وجبات غذائية مناسبة لهم. ووعدت بإجراءات تصحيحية.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد. أنشأت مارثا بمساعدة مؤسسات مختلفة جمعية خيرية باسم “وجبة مارثا” تجوب أنحاء العالم لدعم أطفال العالم الجائعين

مارثا 2

ذهبت مارثا إلى إفريقيا وأمريكا اللاتينية وتبرعت جمعيتها بأكثر من 100 ألف جنيه استرليني لعدة مدارس هناك، وصارت مارثا بطلة إسكتلندية قومية، فيما أصبحت مديرة مدرستها محل سخط وانتقاد الجميع في الداخل والخارج.

علينا أن نتعلم كيف نتعامل مع الملاحظات والاقتراحات والانتقادات. فالمنع والإيقاف والتحذير ليست سياسة فعالة. الاعتراف بالمشكلة ومواجهتها هو الحل الناجع لأي مشكلة مهما كبرت.

ردود الفعل الانفعالية تزيد الاحتقان وترفع حدة التوتر، بينما الهدوء والتعقل والتريث والأخذ بالنصيحة يفضي إلى حلول عملية واعدة.

ما حدث لمارثا درس لأي مسؤول صغيرا كان أو كبيرا. شاهدوا كيف تعاطف الناس معها، وكيف سخطوا على إدارة مدرستها؟

الأستاذ / عبدالله المغلوث

المصدر مدونة عبدالله المغلوث

http://almaghlooth.com/?p=377#more-377

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …

اترك تعليقاً