يحكى أن حاكماً إيطالياً دعا رساماً تشكيلياً مشهوراً وأمره برسم صورتين مختلفتين ومتناقضتين عند بوابة أكبر كاتدرائية دينية في روما ،أمره أن يرسم صورتين، صورة ملاك ، و يرسم مقابلها صورة الشيطان لإظهار الفرق بين الفضيلة و الرذيلة
قام الرسام بالبحث عن مصدر يستوحي منه الصور وعثر على طفل بريء وجميل تطل السكينة من وجهه الأبيض المستدير وتغرق عيناه في بحر من السعادة
ذهب معه الى أهله و استأذنهم في استلهام صورة الملاك من خلال جلوس الطفل أمامه كل يوم حتى ينهي ذلك الرسم مقابل مبلغ مالي،و بعد شهر أصبح الرسم جاهزاً و مبهراً للناس ، و كان نسخة من وجه الطفل ولم تُرسم لوحه أروع منها في ذلك الزمان .
ثم بدأ الرسام في البحث عن شخص يستوحي من وجهه صوره الشيطان ،و كان الرسام جاداً في الموضوع .لذا بحث كثيراً وطال بحثه لأكثر من أربعين عاماً ،
وأصبح الحاكم يخشى أن يموت الرسام قبل أن يستكمل التحفه التاريخية ، لذلك أعلن عن جائزة كبرى ستمنح لأكثر الوجوه إثارة للرعب و قد زار الفنان السجون و الحانات . وأماكن المجرمين ،لكن جميعهم كانت وجوههم وجوه بشر ، وبعد بحثٍ طويل
عثر الفنان فجأة على (الشيطان )
و كان عبارة عن رجل رث الملابس قبيح المنظر متجهم الوجه كريه الرائحة ، أصلع وله شعرات في وسط رأسه كأنها رؤوس الشياطين !!
وجده يتجرع زجاجه خمر في زاوية ضيقه داخل إحدى حانات المدينة ،اقترب الرسام منه وحدثه عن الموضوع ، ووعد بإعطائه مبلغاً جزلاً من المال مقابل رسمه له فوافق ،لقد كان الرجل عديم الروح متبلداً
لا يأبه بشيء ويتكلم بصوت عال ٍو فمه خال ٍمن الأسنان ، فرح به الحاكم لأن العثور عليه سيتيح إستكمال تحفته الفنية الغالية
جلس الرسام أمام الرجل و بدأ برسم ملامحه مضيفاً إليها ملامح (الشيطان ) و ذات يوم
التفت الرسام إلى الشيطان الجالس أمامه و إذا بدمعة تنزل على خده فاستغرب الموضوع !
و سأله إن كان جائعاً أو يريد أن يحتسي الخمر!
فأجابه بصوت مختنق وهو يغالب عبراته 🙁 أنت يا سيدي زرتني قبل أكثر من أربعين عاماً حين كنتُ طفلاً صغيراً ، واستلهمت من ملامحي صورة الملائكة وها أنت اليوم تستلهم من وجهي صورة الشيطان ..
لقد غيرتني الأيام حتى أصبحت إنساناً سيئاً ! بسبب حُمقي وتهوري وفشلي في كل شئ ..
و إنفجرت الدموع من عينيه و إرتمى على كتف الفنانو جلسا يبكيان معاً أمام صورة الملاك
وهكذا أُنجزت اللوحتين وعُلقتا متقابلتين أمام بوابة الكنيسة الملكية ، الصورة الأولى تبعث الأمل والراحة في النفوس ، أما الثانية فتثير الرعب والفزع ، ولم يكن يعلم زوار الكنيسة أن اللوحتين لرجل واحد وُلد ملاكاً ثم تحول إلى شيطان .. مع مرور السنين ! .
انتهت القصة
يخلق الله البشر صفحات بيضاء نقية كالملائكة ، ولكنهم يسوّدونها بأفعالهم السيئة وضعفهم أمام الأهواء والشهوات .. يحدوهم الطمع والأنانية والغيرة والحسد ، وحب الدنيا الذي يستدرجهم إلى المعصية
يقول الله تعالى : ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا )
أي فطرناه على تمييز الخير من الشر وأن الخير هو الطريق الموصل إلى الجنة والشر هو الطريق الموصل الى النار ..
فلا تلوث نفسك وسمعتك بأفعال متهورة وغير مدروسه تندم عليها في النهاية ،
ولاتستسلم للنفس وأطماعها فالنفوس ضعيفه إلا من قوّاها الله بالتوكل عليه والتمسك بصراطه المستقيم ٠