هذه القصة حقيقة يقصها الملك فهد رحمه الله فقال : (( أسمعوا يالربع ,تدرون أني شرقت وغربت ومافيه مكان زين بها الأرض ما جيته ومافيه طعام طيب ما ذقته, أكلنا بأكبر المطاعم والفنادق بعواصم العالم كلها بأوروبا وبأمريكا , لكن ورب العزة والجلال أن عشاء تعشيناه من سنين في بيت بدوي من أهل الشمال أنه هو ألذ طعام دخل جوفي بحياتي كلها , ولا لقيت مثل لذته لا بديار الغرب ولا بديار الشرق ،والسالفة من هالسنين طالعين للمقناص من جهة الشمال بمنطقة حزم الجلاميد وحولها. وبأيام الشتاء والشمس ما طلعت لها ثلاثة أيام وهي تمطر علينا مره سيل ومره ديمه ويجي هاك النهار وما قدرت سياراتنا تحرك من الماء وخيامنا ما قدرنا نبنيها تغرقت الأرض وأمتلت من الماء , وأنا أقول لأخويانا تشوفوا من هاللي حولنا من البدو , وهو يرقب أحد خويانا بالدربيل فوق ضلع وجانا وقال ياطويل العمر أبشر بالبدو شفت لي سوادة بيت شعر هناك ورى هاك الحزم , وننقسم قسمين اللي يعرفون بالديرة جلسوا عند السيارات والمعدات والبقية ستة منهم ركبنا سيارتنا الجيب ونروح جهة البيوت, وحنا منهدين من التعب طول النهار ممشى وحفر ودفن بالسيارات وملابس بعض خويانا مبتله وبنا بعض الجوع وعلينا برد ونجيك تالي النهار قرب المغرب بأتجاه بيت البدو محاولين أن تسيرالسيارة بارض صلبه بين الشعبان متفادين الخباري والضلعان اللي نطحنا سيلها ماوقف, ويوم قربنا للبيوت وتغرز السيارة في طين لمنحدر الشعيب وما قدرنا نخلصها من ليان الأرض ونزلنا منها ونكمل على رجلينا أنا وأخوياي السته حتى وصلنا بيت شعر مثولث .. المقصود بعد ماتبين لنا فقلت لأخويانا: أسمعوا زين لا أحد منكم يقولي ياطويل العمر وإلا ياسمو الأمير خلوني واحدٍ منكم مابغي البدو يحسون اننا من الحكومه ،حنا ضيوف ليل والأرض مثل ما أنتم شايفين والناس بالشتاء وبرد والوقت مطر وماندري وش حالة الأجواد من حالة ضعف أو حاجة وهذولا ناس بدو وبالشمال وأخاف يتكلف بشي من ذبايح وغيرها وهو ما يقدر عليه ،قالوا:حاضرين ياطويل العمر قلت :نادوني يابو فيصل ولا يافهد ،بس وحنا ندخلك البيت ولا هو بين رواقين والنار (مشتعلة) والدلال على طرفها والرجال يقوم يرحب بنا ويهلي يالله حيهم ياهلا ويامرحبا, وقهوته جاهزه ويصب لنا منها وبريق شاي وبريق حليب مصخن (زنجبيل) ويجدد قهوته ويصب لنا منها ويسولف علينا عن المطر وعن حالة الجو واخبار البدو بالمنطقه ،شوي وهو يجيه رجالين من عربه ويسلمون ويرحبون فينا ويقعدون ويسولفون بالمطر والسيول والعشب والحلال , والأجودي من جيناه وهو ما ترك مكانه لو هي لحظة ويكرر التهلي والترحيب بنا ،وعقب مدة وهو يقوم من عندنا ويذهب لطرف الرواق صوب المحرم وأخذ له شوي إلا وهو ينادي حدا الرجلين اللي من عربه يساعده بحمل صحن ،ويفاجئنا في الصينية الكبيرة اللي عليها ذبيحة كاملة وهالرز الأبيض مطبوخ بحليب، ومرق الذبيحه فقط ،وهو يصدع بصوته الخشن سمو سمو على عشاكم وكرامتكم ياهلا ومرحبا ويتعذر من القصور ويطلب منا السموحة إذا هناك تقصير بالكرم , ونتعشى هاك العشاء اللي بحياتي كلها ما ذقت مثل لذته وزينه طعمه , والغريب أن عشاء هالبدوي الشمالي اللي ما تركنا لو لحظة وجالس يسولف علينا ويرحب وكل شي جاه جاهز وهو قاعد عندنا على دلاله وناره, وشلون عرفوا أهل بيته طلبه أكيد أنها عادة له ما هي جديدة عليه وعلى أهل بيته الكرم وذبح الذبيحه لكل ضيف ،بعد العشاء لم يتركنا وحلف ولزم نبيت عنده وفعلاً نمنا هاك الليلة الباردة عند الأجودي بفرشٍ دافئة ونظيفة،عطا كل واحد منا فراش ولحافين ومخده ،أعتقد أننا كلفنا عليه جداً ويوم أصبحنا قبل الفجر قهوته جاهزه ونتقهوى وعقبها نصلي وعقبها يقلط لنا خبز تنور ساخن أهل الشمال (رغفان) وحليب زنجبيل وصحونٍ مليانه زبد وسمن وخاثر (زبادي) ونفطر من طعام هالشمالي ،ونترخص منه ونروح من عنده لسيارتنا اللي خليناها أمس بالشعيب , وأنا تركت له حدر فراشي مبلغ عشرين ألف ريال معونة له ومساعده وحنا ماشين تجاه السيارة واذا به لا حقنا بخطوات سريعه وينادي علينا , وأقف له ومعي حدى الخويا والباقين قلت لهم أكملوا أنتم بطريقكم ،أظن أنه يعلمنا بعلمٍ ما يبي أحد يعرفه وعندما وصلنا قال : يالربع ياضيوف الخير أنتم نسيتوا لكم غرض عندنا ،قلت له وشو من غرض يالأجودي قال لفة فلوس ريال سعودي(دليل انه ماحسبها
و لافتش فيها) وهذا من الأمانه والشرف ،وقال بحزم وهاذي هي شوفوا كان نقص منها شي ,وهو يطلعها من جيبه ويمدها لي قلت له : ما نسيناها هذي عطية لك وأنت تستاهلها وتستاهل أكثر بعد وأنا وزير الداخلية فهد بن عبدالعزيز آل سعود وهذولا خويانا وحنا قوانيص وهذيك سيارتنا وبيض الله وجهك أنت تستاهل وكفوا مع ضيوفك, ولك مني كثرها عطية شرهةٍ لك سنوية تجيك وأنت مكانك يجيبونها لك الأماره على طيبك ومعروفك وحسن إكرامك للضيف٠
شاهد أيضاً
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …