قد يرزقك اللّه برقة وشفافية في القلب، لدرجة أن آيةً في القرآن الكريم تُبكيك وكلمة عابرة من شخصٍ عابرٍ تبعثرك ،و نَصاً حزيناً يجعلك تشعر بحشرجة بصدرك قد يعطيك الله قلباً هشّاً لدرجة أن بكاء يتيم أو معاناة إنسان او الم مريض تجعل دموعك تنهمر وقلبك يتألم ، لأن الله قد رزقك المحبة والرأفة ليس على البشر فقط ولكن حتى بالحيوانات والنباتات والجمادات،
والدليل على ذلك قصة الرسول صلى الله عليه وسلم مع جذع النخل المنصوب كما في(الصحيح) عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ((إِنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالتْ امرأةٌ مِنَ الأنصار أو رجل: يا رسولَ اللهِ ألا نجعل لك منبراً؟ قال: إِنْ شِئْتُمْ، فجعلوا له منبراً، فلمَّا كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر فصاحت النخلةُ صياح الصبيِّ، ثم نزل النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فضمَّها إليه تئن أنين الصبيِّ الذي يسكن، قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها)) (1) وفي رواية: ((قال فلما صُنِعَ له المنبر وكان عليه فسمعنا من ذلك الجذع صوتاً كصوت العشار، حتى جاء النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها فسكنت)) ثبت بنقل صحيح عن علي وجابر وعائشة رضي الله عنهم انه ما كان يمر النبي صلى الله عليه وسلم بجبل ولا حجر الاّ وقال:السلام عليك يا رسول الله، ففي رواية علي رضي الله عنه قال: (كنا بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج الى بعض نواحيها، فما استَقبلَهُ شجرةٌ ولا جبلٌ الاّ قال له: السلام عليك يا رسول الله)وهذه الشفافية موجوده عند بعض الناس الصالحين وفي حديث يرويه حنظلة الأسدي عن الرسول صلى الله عليه وسلّم “يقول نافق حنظلة يارسول الله ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما ذاك قلت : يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي العين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات ” وكذلك مثل الغلام الذي في قصة الأخدود وقصة الخضر مع النبي موسى عليه السلام ، والثلاثة الذين تكلموا في المهد ولم يكونوا أنبياء وهم ” شاهد يوسف وصاحب جريج وابن ماشطة فرعون وكذلك الخليفة عمر إبن الخطاب الذي كان في الغالب يتنزل القران مؤيدا لرأيه إلا إن هذه الشفافية عامة لدى الأنبياء والرسل فمن معجزات الأنبياء قدرتهم على تجاوز الأحاسيس البشرية، والشعور بالحيوانات والنباتات وبالجمادات والله سبحانه يرزق أشخاصاً بهذه الشفافية الروحية ويجعلهم يتمتعون بها بسبب إيمانهم القوي بالله وصبرهم والرضاء بالقضاء والقدر واليقين بما عند الله أكثر من الذي في أيديهم ،وكذلك بسبب أنهم قد خلقوا بقلوب نقية يحملون فيها الحب و الخير للآخرين ،وبعاطفة رحمانية بعيدة عن العنف والبغض والحقد والحسد والكبر والغرور ،حتى وإن اقترفوا بعض اللمم من الذنوب ،فإذا شعرت بذلك فأنت قد وصلت لدرجة الشفافية الإنسانية،
سلمان محمد البحيري