لقد عرف علي الديري التنوير بأنه:هندسة للخروج من قصور عقولنا وأرواحنا وأجسادنا ذلك القصور الذي يهمنا اياه ظلام الطوائف والمذاهب والمرجعيات الدينية والأيدلوجية، والتنوير هو استرداد الانسان لنوره الخاص الذي يضيء به حقائق الوجود،والتنوير هو التعامل العقلاني مع التاويلات والاجتهادات التي قام بها السلف أو المحدثين للدين وإخضاعها لامتحان المنطق والعقلانية و ازالة طابع القداسة من عليها والتي من السلف والأباء والأجداد وترديد أقوالهم والإنشغال في خلافاتهم الماضية بدون تفكير و تمحيص لذلك أو إضافة عليها أو رفضها إذا كانت لا تتوافق مع العصر أو الجيل الجديد،فلماذا تقدم الغرب علينا في الوقت الحاضر ونحن تأخرنا لأن هناك بعض من نخب المجتمع الدينية والسياسية والثقافية قد إنشغلت بتفسير الأحلام و بختان الإناث وبفتاوى رضاع الكبير وطروحات التطرف المذهبي والخلافات التاريخية وصراعات التيارات الفكرية الضيقة ولسبب ذلك تم غياب الفكر التنويري أو أصبح صوته لا يسمع إن حاجة المجتمع لفكر تنويري متصالح مع قيم الانسانية الحديثة بسبب ما تعانيه مجتمعاتنا من ظواهر التطرف الديني والمذهبي والتعصب والعنصرية والعنف بسبب عدم إعطاء الفكر التنويري المساحة الكافية في منابر التوجيه والتثقيف،والذي من المفترض بأن يكون هناك مجتمع ثري ثقافياً و تطرح فيه عن طريق الحوار جميع التيارات السياسية والفكرية والثقافية والدينية ويزيلوا عنهم كافة الحواجز النفسية بين بعضهم بعضاً،فهم جميعاً أبناء وطن واحد،بعكس الفكر المتشدد المناوئ للتنوير، فإنه يسيطر على معظم المنابر والفضائيات واحزاب تدعمه وتروج له وتشحن قلوب وعقول الناشئة والشباب بفكر الكراهية للآخر ويتم تقديس المراجع الدينية والأيدلوجية التابعة لها لأن هناك من يتاجر في ذلك،ومن هنا يتم إختطاف عقول الناشئة والشباب بإسم الدين المتطرف ،فالتنوير الإسلامي هو فكر لإحياء إلإسلام المتسامح الشامل في الحياة الذي يحقق المقاصد العليا في حياة المسلمين.وهو بهذا المفهوم العميق والجامع، بحيث لايكون فقط فكرياً ونشاطاً ثقافياً فحسب،ولكنه عمل شامل ذلك كلِّه،وحركةٌ وثابةٌ على طريق تصحيح المفاهيم و السير في الطريق الصحيح، البعيد عن الغلوٍّ ،وإشاعة قيم الخير والسماحة والتعاون والتضامن في المجتمعات الإسلامية،وإعلاء شأن العقول بنور الإيمان والعلم ورفع منزلة أصحابها، والحث على طلب العلم والعمل ليس في العلم الديني الشرعي و العلوم الإنسانية فقط، ولكن التنوير الإسلامي عملية شاملة،تُعنى بالإهتمام بكل مجالات النشاط العقلي والعلمي والثقافي بالحياة ويشمل العلوم التجريبية والتشجيع على البحث العلمي وجعل أساليبه ووسائله سبيلاً إلى النهضة الحقيقية،إن الإبداع في العلوم والتفوّق في التكنولوجيا ليكون من صميم التنوير الإسلامي، وعلينا عدم الإنغلاق على الحضارات المعاصرة بحيث نأخذ منها مايناسبنا ويكون هناك ترجمة لهذه العلوم المعاصرة ثم الزيادة عليها وتدريسها لأبنائنا،فالحكمة ضالة المؤمن يأخذها أنى وجدهالأن في ذلك إعمالاً لملكة العقل ولنعمة التفكير اللتين وهبهما الخالق سبحانه للإنسان، حيث أول مانزل من الوحي على نبينا محمد وهو أمي كلمة إقرأ، لأن القراءة غذاء للعقل والروح،لكي يكون العقل متفوقاً ومبدعاً ومشاركاً بتطوير مجتمعه خاصة ومعالجا لمشكلاته عامه، وفي العلم و العمل يجب توفير أسباب التقدم والحرية له ليكون له بصمة في الحضارة الإنسانية عامه،وكل جهد يبذله في هذا المجال، هو جهد تنويري إسلامي، يهدف إلى تطوير المجتمع وتقدمه وازدهاره من الجوانب كافة،ولذلك فإن التنوير ينبع من الرؤية الإسلامية الشاملة لواقع المسلمين اليوم ولمستقبلهم، ويجب أن تكون مرتبطة بهذا المشهد بكل أبعاده وبذلك نعود لقيادة البشرية مرة أخرى، بالعلم والعمل والحب والتسامح وليس بالكراهية وبالقتل والتفجير والحروب والإرهاب.
سلمان محمد البحيري