جدي عبدالعزيز رحمه الله

جدي عبدالعزيز رحمه الله من جهة أبي ،كان كريماً و صاحب حكمة ولديه روح مرحة ويحب الدعابات ،و كان دائماً مبتسماً ومتفائلاً حتى في الشدة والمصائب،وكان الله قد وهبه نعمتي  حسن الإلقاء، والقبول عند الآخرين، لذلك كانت القصص التي يرويها مصحوبة بالأشعار سواء كانت من التاريخ القديم أو الحديث أو قصص واقعيه،كما كان رحمه الله يملك ثقافة في الدين والتاريخ والفلك والزراعة، ولقد كان يحب أن ينصت لمن يتكلم معه،حتى لو كان طفلاً أو عاملاً أو خادمة،وكان إذا تكلم مع طفل يتحدث معه ويحترم عقله،ويعتبره رجلاً لذلك حينما كنا صغارا كنا نحب أن نجلس معه ،ولقد كان باب منزله مفتوحا للجيران والأقارب وللناس من النهار و حتى بعد المغرب،لأجل القهوة والشاي ،حيث كان رحمه الله متواجداً في الديوانية بهذا الوقت ، وكما كانت تقام عندنا ولائم ومنها مناسبتي العيديين للعائلة الكبيرة ويحضرها الأقارب سنوياً ،ولقد كنت أحضر مجلسه أحيانا لأجل أن أصب القهوة والشاي وأحيي الضيوف ،وكان البعض يحضر عنده لأجل يستشيرونه، أو لأجل حل مشاكل مابين المختلفين وكلهم يرضون بحكمه ويخرجون من عنده وهم متصافين، ولقد كان رحمه الله بسيطا في لبسه ولكن كان له هيبه في كل مكان يتواجد فيه،وكان يلبس البشت في صلاة الجمعة والعيدين والمناسبات الاجتماعية، و بعدما كبرت كنت أستشيره في أمور الحياة، وكنت أجد لديه الحلول ،وكنت أعتقد ولازلت بأنه يملك حلول لمشاكل كثيرة في الحياة ،والسبب إيمانه وإنسانيته وتسامحه وصداقاته الغير محدودة مع الناس برغم أنه لم يتعلم ، فكان الكل يتمنى أن يخدمه وكان إذا ذهب لمكان فحاجاته تعتير مقضية ،أو تأتيه وهو في البيت بدلاً من أن يذهب ويتعنى وينتظر ،كما نحن كأولاده وأحفاد له كنّا في الأزمات نلجئ لله ثم له لأنه يملك من الإيمان والحكمة والرؤية الثاقبة والهدوء والخبرة والثقة في الله ثم في نفسه،لذلك عندما توفاه الله منذ سنوات ،شعرت وكأني قد فقدت سندي وظهري في الحياة ، ولقد بكيت بكاء مراً حينها ، فبعد رحيله رحمه الله لم يستطع أحداً بأن يملئ الفراغ الذي تركه، ولكن مايهون علي بأنني أراه أحياناً في حال جميلة في الحلم، ودائما أقواله وأفعاله حية مابين الناس بالخير، وهذا مما يخفف عني وطأة الحزن بعد رحيله.
سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …