في يوم من الأيام بينما كنت ذاهباً لأحد المولات في الرياض لشراء بعض الأغراض لي وعند وقوفي في المواقف ودخولي لبوابة المول و بينما كنت في أحد الممرات أتسوق ، سمعت صوتاً يناديني وهو ليس بغريب علي ويكرر و يقول ” سلمان، سلمان ،سلمان أنظر لي أنا هنا” فمن كثرة الزحام والضوضاء والناس وتجمعاتهم لم أستطع بأن أتبين أين مصدر هذا الصوت ، ثم مالبثت قليلاً إلا وسمعت نفس الصوت مازال يناديني ويصل صداه لقلبي قبل أذني وقلبي ينبض بشدة فرحاً لا أعرف لماذا ؟!!! ، وقلت في نفسي هذا الصوت ليس بغريباً علي فأنا قد سمعت هذا الصوت من قبل ،فقلت ربما هذه فتاة من أقاربي تعرفني ، ولكن ما إن إلتفت و رأيتها وعيني جأت في عينيها ورأتني ثم أخذت لغة العيون تتكلم بحب وإشتياق وعتب فقلت لها : عاش من شافك لم يتغير جمالك ولا صوتك فقالت : وأنت كذلك ياسلمان ، فقلت لها: إنها سنوات عجاف قد مرت علينا بعد فراقنا فعلا الدنيا قصيره، وكنت أذكر بأن وجههك كان يملؤه الغضب مني ، وذلك حينما تعذرتي لي بالقسمة والنصيب وأنه لابد بأن أقبل بألامر الواقع، ثم رأيتك آخر مرة وقد أغرورقت عيناك بالدموع وشفاهك التي كانت تنطق لي بالحب ،وبأن حبنا سيبقى وبأن هذا الزواج كنتي مجبرة عليه ، وقد غضبتي علي حينها عندما لم أعذرك وقلت لن أسامحك فماذا لو أنا الذي تركتك فماذا كنتي ستقولين علي، وقلتي لي في ذاك الوقت : أنت رجل وقرارك بيدك وأنا بنت مغلوبة على أمري، وأنا ظروفي العائلية لا تسمح لي بالزواج منك، ولكن لأني كنت أريدك لوحدي رفضت عذرك ثم توعدتيني بأن تمحيني من ذاكرتك مادمت حية ، واليوم أراك تنادين بإسمي ولكن تنادين به على إبنك فقلت لها لماذا سميتي إبنك علي ؟! قالت لقد أسميته فعلا عليك وقد اصررت على هذا الإسم عند تسميته لإنه الشيء الوحيد الذي يذكرني فيك ، ثم أعلنت عيناها الشوق لي مع كل كلمة ودمعة ثم أخذ القلب ينبض لها بالحب القديم فقلت لها : أنتي تزوجتي وكنتي تعتقدين بأنك ستنسيني وتكوني سعيدة مع غيري ،ولكني أرى في عيناك الحزن وبأنك غير سعيدة في حياتك، ولقد فضحتك مناداتك لإبنك سلمان وفشلتي في تخطي ذكراي قالت : يالا حمقي لم أستطع بأن أحرق عالم ذكراك من ورائي ،وكنت أعتقد بأن الحب سيأتي بعد الزواج مع زوجي كما قالت لي أمي وصديقتي، ولكن ذلك كان محال فلم أستطع بأن أنساك ياسلمان ،فلذلك قد إخترت لإبني أسمك لأنني أراك دوماً في أحلامي وحتى يتسنى لي بأن أنادي عليك بإستمرار من خلا ل إبني حتى لا يفارق إسمك شفاهي لأن ذكراك لاتفارق مخيلتي
فقلت لها : فبرغم ماحدث منك وبرغم الألم لأن كل واحد منا قد شق طريقه في الحياة بمعزل عن ألآخر،ولكن لم يكن في مقدوري نسيان حبنا الجميل العفيف الذي عشناه معا ،وها أنا أراك صدفة أمامي بعد تلك السنوات ولقد تركتك تعيشي حياتك فلربما تجدي رجلاً يستطيع بأن يسعدك وأنا أتمنى لك السعادة سواء كانت معي أو مع غيري، ولكني كنت أتمنى سعادتك بأن تكوني معي لأنني سأسعدك أكثر ، و من بعد رحيلك لم تستطع واحدة بأن تلفت نظري لأنني لم أجد واحدة تستحق بأن تحل مكانك في قلبي، ولكن عذابات الوحدة مع عمري الضائع بدونك ،هي أقل ألماً من أحضان ليست في أحضانك ، ثم نظرت إلى بعيونها الجميلة وأطرقت بتفكيرها في الأرض وهي خجلة وحزينة ، ثم رمتني بنظرة ووداع بعيون يملؤها الدموع ثم قالت : “حبيبي سلمان تعال بابا ينتظرنا في الخارج”، ثم مسكت يد أبنها ثم لوحت لها بيدي وأدرنا ظهورنا مرة أخرى لبعضنا ،كما فعلنا أول مرة منذ عدة سنوات ورحلنا في صمت مؤلم للقلب حيث كان يعتصر ويبكي بالحب والحزن، وشاء القدر بأن يعيد علينا مشهد الرحيل إمعاناً في المنا، ومن يدري ربما بعد عدة سنوات أخرى نلتقي صدفة أو قد لا نلتقي، ولكن هذه هي الدنيا قصيرة تجمع وتفرق.
سلمان محمد البحيري
شاهد أيضاً
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …