خواطر تنهشها رياح الخريف

إذا كنتِ تقرئين لي بين وقت وآخر ستلاحظين بأنني ألمح لأشياء وألفاظٍ ،كنا قد قلناها أنا وأنتِ منذ زمن مضى،ليفضفض القلم بما تبقى منك، لكي يتحرر قلبي من غيوم الذكريات ولأنظر بتأمل عظيم كيف سأجيب، حيث تبدأ تراتيل الضياع التي تغرس مابيني ومابين روحي المغتربةً ،ثم يأتيني سؤال يلح علي في الأعماق، هل الله قد كتب علينا الحب لكي نتعذب أم أنه القدر والنصيب، فلقد أخذ الأسى من ذاكرتي كل مأخذ واستباحت رياح الشوق وهبت على جذوة قلبي، فبرغم أن الجميع من حولي حاضرون إلا أنهم في نظري غائبون بما فيهم أنتِ، لقد صار يغلب علي الهدوء والصمت والتأمل ومحاولة البقاء للخلوة وحيداً لأحدث قلبي وعقلي، لذلك أصبحت جحافل الصمت من حولي تطوقني يمنة ويساراً، ليؤكد لي هذا الصمت بأنّ هناك أملاً ما سيأتي كنسمات عليلةٍ إلى صدري،وسؤالٌ يتلو السؤال وخاطرة وراء أخرى كأن روحي سحابةٌ تنهشها رياح الشوق وكأن القدرهو سوط البرق الذي يجلدها والنصيب هو الرعد الغاضب الذي  يزمجر ويخيفها ومن ذا الذي يشعر بما تعانيه هذه السحابة؟!،فأنا كنت غارقاً في أعماق ذاتي ، ومذبوحُ بالصمت والسكون والتأمل والأمل والإيمان بحيث أقول في نفسي ” بأن الله معي وأنا أدعوه وسيبدلني بلا شك بخير مما فقدته” لكي أخفف عن قلبي كل هذا العذاب وأردد حين مداهمة اليأس بأن الله سيمطر على روحي خيراً لم يخطر على بالي،وربما صرف عني شراً أنا لاأعلم عنه وبعد فترة ستصبح روحي مروجاً وترتوي جداول قلبي وغداً تزهر حديقة روحي وتثمر،كما الطفل الذي يحبو فغداً سيمشي، كما أشعر بأن القصائد تكون جميلة بنظم الشعراء لقوافيها ، وتزدان الحروف بكلمات الكُتاب،ثم يصبح لدي أمل في الله بأن هناك موجات من نسيم الخيرقادمة ،سأراها قريباً إن شاء الله،وأنا أبوح عن ذلك ليس ضعفاً مني،ولكن قد أصبح لدي من مهارات الصبر وامتصاص الصدمات السيئة ما يجعلني أيوبَ عصري!ولأني كذلك كرست نفسي للكتابة لأنها تنفيس لي وهروبٌ جميل وقودها ( الحروف والأوزان والبلاغة ) لعلي أجد عند نارها هدى، كل ذلك حينما يزورني طيفك القتّال ويتسلل لي فجأة عندما أكون بين الحضور، فيوقظ الصمت المشاعر، ويشتعل النبض ويضيء المكان بالشموع والورد والبخور،ثم عندما يتلاشى طيفك تبقى في المكان ذكرياتك وتحل به الحياة، لاعليكِ إذا كنتِ لازلتِ مهتمةً بي ، فأنا لازلت بخير،وأنظري لقلمي يكتب حروفاً ولكن بشموخ وكبرياء وكأنّي ملك !وأنا لن أعود أبداً إلى تلك المعاناة، فلقد تجاوزت ذلك الألم وشفيت من الحبُّ،بينما أنتِ قد قذفتك الرياح بعيداً كأوراق الشجر في فصل الخريف. 

 

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …

اترك تعليقاً