أفتقد للهدوء والطبيعة

أشعر بالانزعاج كثيراً حينما يكون من حولي ضوضاء، لأنني أفتقد الهدوء والتركيز وأريد أن أسمع دقات قلبي وصوت أنفاسي و حديثي مع قلبي وعقلي، فالضوضاء تجعلني أفقد التأمل و تشتت الكثير من تفكيري ،بعكس البعض الذي يستطيعون استخراج الأفكار من الضوضاء التي من حولهم، أما أنا فأفقد الإلهام تماماً في هذا الإزعاج، وأعتقد أن ذلك راجع للبيئة التي تربيت فيها فقد نشأت في حارات هادئة وأما غالب حياتي فقد قضيتها في المزرعة، حيث أصبح لدي عين متأملة و أذن حساسة وصامتة مع عقل يتأمل حيث الهدوء في كل مكان،حيث أنصت لكل شيء من الطبيعة له لغته التي أُجيد سماعها، حيث صوت الرياح والمطر والبرق والرعد وحفيف الأشجار والنخيل  وصوت خرير الماء في الجداول، وغناء العصافير والبلابل والقماري قبل شروق الشمس وعند غروبها، فيطربني صوت الشجر حين يتمايل مع الهواء ، وصوت المطر حين ينزلق برقة على أوراقها وحين ينساب من بين تلعات الجبال، وحتى صوت البرد المُكوّر الصغير الذي يعزف سمفونية عند سقوطه على الأرض، كأنها موسيقى مُتناغِمة جميلة، فيشعر القلب والروح بمُتعة لاحدود لها، فكل شيء في هذا الكون له لغته ورتمه ولكن بهدوء وانسجام ،ولكن في السنوات الأخيرة صرت في الغالب أفتقد هذه المتعة و الهدوء،فصرت عند كل شروق وغروب أفتح النافذة وأتلصص لكي أستمع صوت العصافير واليمام، لكي أستعيد روحي المفقودة ولكني لا أسمع إلا مرور السيارات وشاحنة البلدية بصوتها المزعج لتُدمّر استمتاعي بالهدوء والصمت أو التأمل.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …

اترك تعليقاً