بمناسبة معرض الكتاب المقام حالياً في القصيم والذي ايضاً سيقام بعد فترة في الرياض بشهر مارس سأتكلم بإيجاز عن الكتابة والكاتب،فالكتابة عالم كبير جداً كبحر عميق،وهي ليست حكراً على كبار كتاب الأعمدة الصحفية الذين لهم الشهرة والصيت ولكن الكتابة هي حق لكل من لديه موهبة ويمتلك ورقة وقلم،هي حق لكل من ضاقت به نفسه، فراح يشكي للورق همه فربما يكتب خاطرة أو مقالاً أو شعراً أو نثراً بإحساس صادق، لأننا نتعرض في حياتنا لضغوط نفسية مختلفة من إحباط وخذلان وفشل وفراق ومشاكل وحيرة وشك وحزن و ألم كما نشعر بالأمل والنجاح والإيمان والأمل والحب و الشوق وتفاؤل وفرح وسعادة وكثير من المشاعر المتضاربة تزدحم بها نفوسنا،ولكن نختلف في تعاملنا معها ،فمنا من يفضل الكتمان و المكوث أمام مشاعره بلا حراك، ومنا من يرى في الفضفضة لصديق عزيز أو قريب راحة نفسية ،وهناك من يفضفض للورق فليس هناك من سيهتم لك مثل الورق لأنه صديق شفاف ونقي وناعم أشد بياضاً، وصفحاته ناعمه و سيصبر عليك وينصت لك وأنت تبوح حتى يجعلك تخرج كل مابداخلك من ألم وحزن، فتراه ينطبع على الأوراق بإحساس إيجابي هادف يعشقه القراء، لأنه قد لامس مافيهم لأن الناس تشعر مثلك ، فتصبح هذه الكلمات التي تدور بأعماقنا وأخرجناها من منجمها، فبعضها من الذهب والبعض الآخر من معدن نفيس،يقول الدكتور علاء الأسواني في رواية شيكاجو “الشهرة ليست مقياساً لنجاح الأديب، هناك أدباء مشهورون بلا قيمة، وأدباء عظام لا يعرفهم الناس ، إنني أكتب لأن لدي ما يجب أن أقوله ،وما يهمني ليس الشهرة وإنما التقدير ،أن يصل ما أكتب الى عدد من الناس حتى لو كان قليلاً ليغير أفكارهم وأحاسيسهم” إذاً فنحن نفتقد لكتاب يكتبوا بإحساس صادق بمايشعروا به أنفسهم و مايشعر به الآخرين ،يكتبوا من واقع لكي يصل مايكتبونه للناس، فنحن نفتقد إلى كتاب لديهم جرعات أدبية ومعرفية تستحق إفناء ساعات من وقتنا في القراءة لهم ، نفتقد كتاباً كالرافعي وجبران خليل جبران ونجيب محفوظ وعلي الطنطاوي وعباس العقاد وتوفيق الحكيم ورضوى عاشور و بنت الشاطئ وغسان كنفاني وغازي القصيبي وأنيس منصور كتاب يؤمنون بحرارة الكلمات و ملامستها للقلوب و تأملها في العقول ،لذلك أتمنى بأن يكون هناك لجنة لديها معايير لأختيار الكتاب الموهوبين حتى نحسن الذوق العام،وليس فقط تعطى المساحة في الإعلام التقليدي لمن لديهم شللية وواسطه وأتمنى أن أرى في دور النشر ومجتمع الناشرين من يقدم يد العون للكتاب الناشئين المبدعين،وأن لايصبح الأمر تجارياً بحت حتى يكون لدينا محتوى رائع في كل الكتب التي تنشر و قيماً فنية راقية ترتقي بالمجتمع وتضيف إلى ثقافتنا الشيء الكثير.
سلمان محمد البحيري
شاهد أيضاً
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …