الإيمان والشدائد

عندما تنزل بك الشدائد لاتنتظر الفرج إلا من الله لأنك عندما تكون مع الله في الرخاء فإن الله حتما سيكون معك في الشدة ولن يخذلك وسيسخر لك الآخرين لقوله تعالى ” ومايعلم جنود ربك إلا هو ” وفي الشدة تظهر معادن الرجال الحقيقين الذين يعرفون وقت الشدة ،فلا تصدم عندما تكون في دوامة مصيبتك وأنت لاترى من كنت تظن أنهم أقرب الأقربين ليسوا بجانبك ولكن أضرع لرب العالمين وادعه وتقرب إليه، وسترى بإذن الله مايسرك في الدنيا لقوله تعالى على لسان موسى”كلا إن معي ربي سيهدين “وقوله تعالى “ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب “قال الأمام الغزالي :”إذا رأيت الله يحبس عنك الدنيا ويكثر عليك الشدائد والبلوى فأعلم أنك عزيز عنده، وأنك عنده بمكان وأنه يسلك بك طريق أوليائه وأصفيائه وأنه يراك أما سمعت قول الله تعالى” وأصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا”. فكم من إنسان لامس في حياته معنى معادن الناس وتبين له صاحب المعدن النفيس الأصيل، أما ذاك المعدن البراق الذي يلفت الانتباه في مظهره ولكنه إذا تعرض للحرارة يذوب ويبهت ويضمحل ،بعكس المعدن الأصيل الذي من الذهب عندما يتعرض للنار فإنه يُصفى ويصبح أجمل وأبهى فحين تتعامل مع البشر يتبين لك معادنهم، فكما أن المعادن يتم اختبارها بالنار والنار هنا بالنسبة للناس قد تكون محنة وابتلاء أو قد يكون اختلافاً مع أحد، فكذلك الشدائد في الحياة تكشف لك أصحاب المعادن الأصيلة والمزيفة حيث يتبين لك الصادق من المجامل ومن تبدل حاله ومن كشر عن أنياب الذئب واستهوته الشماتة ولحوم البشر، فمنهم من بقي كما هو قبل المحنة أوزادته نقاء وأصالة وكان هذا هو إنسان الذهب وكما قال الشاعر :-
جزى الله الشدائد كل خير
وإن كانت تغصصني بريقي
وما شكري لها إلا لأني
عرفت بها عدوي من صديقي

ولكن من فوائد الشدة أنها تجعل الإنسان المبتلى أشد أيماناً وقوة وصلابة وأكثر تعلماً من هذه التجربة الأليمة وتنكشف لديه أقنعة المزيفيين
خاطره :-
قال الشاعر :-
لاتشك للناس جرحا أنت صاحبه
لايؤلم الجرح إلا من به ألمُ

سلمان محمد البحيري

About سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

Check Also

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …