الغزو الفضائي

لقد كان يستهويني في طفولتي في الثمانينات مسلسل كرتوني للأطفال مستوحى من الخيال العلمي، أسمه جريندايزر و هو صراع مابين الخير والشر، و يدهشني فيه مشهد السفينة الفضائية الأم الضخمة والتي يوجد بها مقر قيادة المخلوقات الفضائية بقيادة فيجا حيث يرسلون أطباقهم لغزو الأرض والكواكب الآخرى عن طريق روبوتات ضخمة ،ولقد سبق أن غزا فيجا كوكب فليد المسالم ولكن يتمكن دوق فليد وهو أبن ملك الكوكب فليد من الهرب من خلال هروبه بالربوت جريندايزر إلى الفضاء الخارجي، إلى أن سقط بعد أيام متعباً على كوكب الأرض ويعثر عليه الدكتور أمون رئيس مركز أبحاث الفضاء ويقوم بتبني دوق فليد دون الإفصاح عن شخصيته الحقيقية ويسميه دايسكي، ثم ينضم إلى دايسكي كوجي وهيكاروا وماريا التي هي أخت دوق فليد ويجهز فيغا جيش ضخم لغزو الأرض ولكن دوق فليد ورفاقه والدكتور أمون يتصدون لهذا الغزو الغاشم ويلحقوا به الخسائر بسبب حرص الدكتور أمون و دوق فليد على تطوير الربوت جريندايزر في الأرض وإضافة تعديلات عليه لكي يستطعيوا التغلب على الغزاة وفي نهاية المسلسل يتمكن دوق فليد وفريقه من القضاء على فيجا الكبير وأسطوله ويأخذ أخته ماريا عائدين إلى وطنهما الأصلي كوكب فليد ويعدون أصدقائهم في الأرض بزيارتهم في يوم ما

وحينما كبرت أيقنت أن هذا من الخيال وأن الأشرار ليسوا من الفضاء الخارجي، ولكنهم منا في الأرض نحن البشر حيث نقتل بعضنا بعضا ،و منهم من دمنا وجلدتنا ويتلكمون بلغتنا ويدينون بدينا، لقد أصبح بعض العرب يتأمرون على بعضهم بعضاً و يقتل بعضهم بعضا ويعتدي بعضهم على بعض ويكره بعضهم بعضا، بسبب أيدلوجيات وشعارات ومنظمات إرهابية ترعاها إستخبارات دول ترعى الإرهاب بينما هذه الارض تتسع لنا جميعاً لنعيش فيها بحب وسلام، وهذه الدول والمنظمات ترفع شعارات باسم الإسلام وبإسم القضية الفلسطينية بينما هم يتاجرون فيها، فهؤلاء خفافيش الظلام ولايطيقون شمس الحقيقة لأن النور يعريهم من زيفهم ويظهر لنا واقعهم البائس المشوه، فهؤلاء لهم أقنعة كثيرة، تتبدل من وقت لآخر على حسب المصالح  ومن ظرف لآخر ومن سيدفع لهم أكثر،حتى لو كان ذلك على حساب دينهم وو طنهم وأمنهم ومجتمعاتهم ، حتى شوهوا هؤلاء صورة الإسلام السمحة والمسلمين عند الشعوب الأخرى وشوهوا صورة العربي حيث أصبح عند الآخرين في موضع شك وشبهه كل ذلك بسبب الإرهاب بسبب الكراهية والتفرقه والطائفية والعنصرية ، فأعتقد بأننا في السبعينات والثمانينات كان لدينا وعي بأمننا القومي وحب للوطن وثقافة وترابط وحب للآخرين أكثر من الآن برغم وجود القنوات الفضائية الآن  وكثرت مواقع التواصل الاجتماعي وتطور الأنترنت، فمتى سنقدم أنفسنا كدول عربية وأسلامية إلى المجتمع الدولي كشعوب متحضرة وراقيه نهتم بالعلم وتطوير الأنسان ونحرص على أن نجعل الإنسان يعيش بكرامه ومن هنا نستطيع بأن نقدم مشروعنا الحضاري للأنسانية فلماذا الشعوب العربية تحب أوطانها وبعض أوطانها لاتبادلها هذا الحب فهي تقمعها وتنكل بها، لذلك أنتشر عند البعض الإرهاب والكراهية والتفكك وأستغلت بعض الدول والمنظمات الإرهابية ذلك وأستطاعوا تجنيد هؤلاء في مشروع الكراهية والطائفية والعنصرية باسم الإسلام تارة وتارة باسم الثورة وتارة أخرى باسم القضية الفلسطينية، فهل هناك عمل عربي على مشروع موحد لأجل القضاء على هذا الواقع المشين؟!، هل تعلمنا من أخطائنا، أم نعاند و نجد أنفسنا قد وقعنا في مستقبل مظلم و في شرك جديد، وأصبحنا  لاقدر الله بلا وطن ولا أمان وأصبح مصيرنا وسيادتنا بيد دول لا تخاف فينا إلاً ولا ذمه ، ترى كيف نقي أنفسنا من ظلام النفوس ومتى سنعيش في النور، أم ننتظر حتى تحجب سمائنا الغربان والبوم وخفافيش الظلام ؟!
سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …