تتسكع الحروف في أزقة الأدب وترقص الكلمات على إيقاع الحروف في نص أحياناً يكون حزين، يلامس أعماق الحنايا أو في حروف تصنع خيالاً شاسعاً، فيشعر معها الكاتب بتشابك المعاني لتتحد لتصل إلى قلوب قرائها قبل عقولهم و تتحد الأفكار بترابط تام لإمتاع القلوب غير آبهة بإقناع العقول، فيخط القلم ما عجزت النفس عن كتمانه، وتأبى إلا أن تجعل القلم أن يكتب وينشر ويتلمس وقع المكتوب في صدور القراء.
فنشعر بحروف الكاتب على الورق بعد أن تكتمل الكلمات والمعاني وتشبع فضول القراء، فلغة الكتاب تارة تقنع وتثري عقول القراء وقلوبهم تارة أخرى بإمتاع في أسلوب ساحر لا تمله النفوس بكثرة القراءة لسحريتها، حيث يكتشف القراء في الكلمات شيئاً جديداً وجميلاً في كل مرة يقرؤونها تتلون بتغير أقدار الحياة كما تتلون الحرباء حسب المكان.
من خلال حروف يكتب بها الكاتب للقصص والروايات والخواطر،من الحقيقة و كذلك من خيالات شتى وهي الحروف ذاتها وهل هناك سحر أكبر من سحر الحروف حينما تصبح كلمات جميلة.
فالكاتب حينما يكتب يكون غارقاً بموسيقى الحروف ، حيث لكل كلمات نوتتها الموسيقية الخاصة من الأحرف،والنغم والإيقاع، تنساب كشلال من قمة الفكر والخيال إلى مصب الأوراق، ولكل كلمات ظروفها وأسرارها المحيرة والفريدة لايعرفها إلا الكاتب أو من قد مر عليه مثل ذلك.
فثمة كلمات أحرفها سريعة تعدو سريعة بالكاد تلتقط أنفاسها ، ولكنها كلمات ليس فيها عمق ولا لديها طول نفس فتشعر بالحاجة للأكسجين من خلال نص قصير حتى تلفظ آخر الأنفاس عند آخر حرف،وثمة كلمات متأنية مثل نهر سلس وهادئ عذب جميل ، وكلمات غاضبة مثل بحر متلاطم الأمواج .
وثمة كلمات تداوي ؛ كطبيب ماهر يسبر الغور ، فيطهر الجرح ، ويضمد ، ويداوي وكلمات تكون مؤذية للقلب والروح لأنها لا تكف عن نبش الأوجاع بشراسة في داخل الحنايا ليشعر القارئ بأنة في ألم وحيرة .
والكاتب الماهر هو من شد وتر الحرف ، فأصاب الهدف ولامس العمق في الحنايا وداوى بالإيمان والأمل والتفاؤل والحب.
فوحدها الأوراق هي التي تحتضن هذه الثورة من المشاعر، وتتلقى الأسهم وهي منتشية مؤمنة بالأفكار ،مرحبة هذه الأوراق بما يحمله الكاتب من بوح وفضفضة لتنصت له بدون ملل أو تذمر أو طلب للإختصار.
فالكاتب والقراء يشعرون بأن هذه الحروف تحتضن أوجاعهم وتلامس مابداخلهم وتربت على أكتافهم في صمت.
سلمان محمد البحيري