قبل أن أدلف في هذا المجال، أريد بأن أتكلم عن معنى السيرة الذاتية في الأدب فمعناها لغة هي المنهج و الطريقة ووصف الشخص وافعاله، فيقال مثلا عن شخص ما بأن سيرته حسنه والعكس صحيح أي عن تعامله مع الآخرين، والسيرة الذاتيه نوع من أنواع الأدب بحيث أن كاتبها يكتب عن الأحداث الحقيقية متسلسة وبصدق وبدون خلط وتتزيف للحقائق، ولعل من أشهر كتب السيرة هي السيرة النبوية وكتاب إعترافات للكاتب جاك روسو وعبدالرحمن شكري في كتابه إعترافات وطه حسين في كتابه الأيام ،وكما أصدرالعديد من الأدباء والمفكرين سيرهم الذاتيّة كأحمد أمين، وإبراهيم المازني، وعباس محمود العقاد، وكذلك الشاعرة نازك الملائكة برواية سيرتها الذاتيّة للكاتبة حياة شروات التي نشرتها بعنوان سيرة من حياة نازك الملائكة، ومحاولتي المتواضعة لكتابتة سيرتي الذاتية ليست كشف لأسراري وأسرار عائلتي و أسرتي كما يعتقد البعض، ولكن لأنني أردت نشرها لأن سيرتي الذاتية لا تخلو من التربية الدينية والعصامية وتعلم الصبر والأمل والتفاؤل وحسن الظن في الله والحكمة والمرؤة والشهامة وحب الخير للآخرين بسبب التربية ولأجل أن هناك تجارب لكبار عائلتي تستحق التدوين والإشادة بسبب ماواجهوه من صعوبة الحياة والمعاناة ولكنهم قد تعاملوا معها بإيجابية وبدون يأس وصمدوا وحققوا في الغالب مايريدونه ولذلك لازال الآخرين من الذين نعرفهم أو لانعرفهم يذكرون كبار عائلتي بالخير ويثنون عليهم ، فهي قصص واقعية وليست من الخيال وهي تجارب وإن كان في بعضها القسوة والالم والمعاناة ولكنها حقيقة وأردت بأن انقلها للآخرين لكي يقرأوها ويتعلموا منها وليعرفوا كيف أن الحياة كانت قاسية وصعبة وبها معاناة على الجميع وكما أنها لا تدوم لأحد ولا تدوم على حال واحد ،فآثرت تسجيل ذلك الأرث العائلي لكي يقرأه أصدقائي وأسرتي وعائلتي وأقربائي ،وإن كان ينقصه الدقة في التواريخ ولكن كتبته بإجتهاد وبصدق وبدون مبالغة وهذا ماأستطعت بأن أجمعه وأتذكره من خلال أسلوب سهل في محاولة مني لإقتناص صور تعبيرية ونبرات شعرية من واقع يومي من الماضي والحاضر مابين الأسى والأمل الألم والمعاناة بدأ من عالم الطفولة ثم بعد ذلك ممتد إلى فترة المراهقة ثم بعد ذلك الفترة إنتقالية من عالم الشبيبة إلى عصر الحكمة والنضج من خلال قصص حقيقية وأفكار لمواجهة الحياة وكيفية التعامل معها وفق الظروف المتاحة ، مظهراً مشاعر حقيقية صادقة مع القرّاء نحو الشفافية والمكاشفة ومحاسبة النّفس.
سلمان محمد البحيري
شاهد أيضاً
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …