«المدونات» يوميات عابرة أم صناعة محتوى؟!

تناقل الأخبار وطرح الآراء والحديث عن القضايا المجتمعية تختلف طريقة تناولها وعرضها عبر الزمان، والثورة الرقمية في مواقع النت بدءاً من المنتديات والمواقع الإخبارية ووصولاً إلى مواقع التواصل الاجتماعي من تويتر وغيره مازالت مستمرة وتتغير باستمرار. ومن هذه الوسائل التي عادت بقوة هي مدونات الإنترنت .

بدأت مواقع التدوين بالظهور في بداية الألفة من القرن الحالي ، حيث كانت بدايتها عن طريق مدونين يقومون بنشر آرائهم والأحداث التي تحصل معهم بشكلٍ يوميّ، ويختلف محتوى المدونة باختلاف صاحبها ومحررها. ومع انتشار شركات المحتوى الرقمي والإبداعي والتي تعمل على استهداف القارئ ورؤيتها تعمل على توفير المعلومة المفيدة والسهلة له، بدأت العودة بقوة للمدونات وباختلاف محتواها واختلاف عناوينها وتخصصاتها. مدونات تختص بالسفر ، وأخرى بالتقنية وثالثة بالكتب والكتابة الإبداعية. “الرياض” التقت بعدة مدونين للحديث عن هذا الموضوع.. فماذا قالوا؟

“مساحات حرة”

بداية تحدثت مها البشر صاحبة مدونة “عصرونية” قائلة: المدونات هي الأساس وكل المنصات الاجتماعية الأخرى هي الموضة، ولاتزال المدونات مستمرة ولها شعبية كبيرة لأنها مكان ثابت لحفظ المحتوى. وحول فكرة مدونتها ذكرت أنها ربما تأخرت قليلا معللة ذلك بقولها: أريد أن أكتب بدافع المتعة وليس بدافع الالتزام، لا أريد أن أشعر بأنه “يجب” أن يكون عندي مدونة و”يجب” أن اكتب بها بانتظام، لهذا انتظرت طويلاً حتى لا أكره التدوين قبل أن أبدأ به. الآن أستمتع فعلا بالكتابة ولا أشعر بالذنب عند مرور أسابيع بدون أي تدوينة جديدة.

ومن أسباب التريث حسب رؤيتها عدم امتلاك خبرات تستحق المشاركة سابقا. وتضيف: اما الآن، فأنا زوجة وأم ورائدة أعمال ولدي الكثير لأضيفه ممن هم بنفس المرحلة.

وذكرت أن مايميز المدونة أنها أكثر حميمة، فالقارئ ينشئ علاقة مع المدون، ويؤثر عليه في حياته اليومية وأفكاره بل حتى اختياراته. كم من مسلسل تابعته، أو كتاب قرأته، أو مناسبة حضرتها لأن كاتب المدونة قد كتب عنها. كما أن المدونات مساحات حرة لا تخضع للتدقيق، فالكاتب ينشر ما أراد وهذا يجعل محتواها أكثر فرادة. وقالت: أكتب لأحافظ على لياقتي في الترجمة وأصقل مهاراتي في صنع المحتوى؛ أكتب عن أي شيء أحبه لأن القارئ ينجذب إلى ما كُتب بدافع الحب والمشاركة. وأنا لا أطمح أن تجذب مدونتي كل القراء، فالمدونة لها جمهور محدد يشبهني كثيرًا ولهم أكتب.

وتمنت أن تكون هناك مدونات عربية أكثر، فهناك بحسب ماتقول العديد من الشخصيات المميزة في تويتر التي تكتب محتوى ثرياً ومفيداً لكن لا يوجد مكان يحفظ هذا المحتوى لهم. فمحركات البحث لا تدعم تويتر كثيراً كما تدعم المدونات.

“تجارب مؤقتة”

وذكر المدون أحمد بادغيش صاحب مدونة “بدغشة” أن المدونات ليست مجرد ظاهرة زمنية. وقال: بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يستخدمون المدونات، فهي توفر لهم مساحة للكتابة، وكتابة غير خالدة أو مكلفة كما هو الحال في الكتب، لذلك أغلبهم يستخدمونها كتجربة للنصوص التي يكتبونها أو يترجمونها قبل انتقالهم إلى الكتب، والبعض الآخر يستخدمها للتعليق على بعض الأحداث المؤقتة، والتي لا تستحمل أن يُكتب عنها كتاب. كما أن المدونات توفر ميزة عن الكتب والصحف مثلًا، تتمثل في النشر الآني، لست بحاجة للانتظار طويلًا حتى يرى هذا النص النور.

واضاف: أعتقد بأن ميزة المدونات الأكبر، بالنسبة للقارئ هي الطابع الشخصي أو الإنساني للكاتب. فالمدوّن يكتب ذاته بشكل كبير. وحول أهمية المحتوى الإبداعي للقارئ ذكر بادغيش بأن كل مدون يعالج محتواه الإبداعي بطريقته، أنا شخصيا لا أنشر ما لا يستحق القراءة . هذه القاعدة تحتم على المبدع أن يقضي وقتًا طويلًا في تخيل المادة، أو كتابتها ذهنيًا، بالرغم من أن النتيجة غالبًا ما تكون مختلفة عن الصورة الذهنية المسبقة لها”.

“وجهات نظر”

وأكدت المدونة “حنان” صاحبة مدونة تسرد خلالها مشاهداتها وتساؤلاتها اليومية أن المدونة هي تجربة تصفح سهلة بمتناول اليد يأخذ منها القارئ خلاصة تجارب ووجهات نظر الآخرين عن مواضيع مختلفة قد لا تطرأ ببال. وترى أن المدونات منها ماهي متخصصة في مجال معين، وأخرى متعددة المجالات، بالتالي لن تحتوي المدونة على كل جديد لكن تحتوي على مايكون ضمن اهتمام المدون وما يستطيع الكتابة فيه، مهما تجددت الأحداث والمواضيع، ستجد أن كل فئة يرون كل مدونة هي الأولى بالنسبة لهم. فهناك موضوعات يدونها المدون لنفسه، وأخرى يكتبها ليستفيد منها القارئ. وهنا يحرص الكاتب الجيد على الشمولية والتفصيل بشكل مفيد، وإضافة مراجع معينة، والمصداقية والتلطف في التحاور مع القارئ.

أحمد التميمي

جريدة الرياض

 

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …