أنثى روايته

كان محمد جالساً على مكتبه في مكتبته بالمنزل حائراً يريد فكرة أو ومضة لكي يكمل روايته التي يكتبها وشعر بحبسة الكاتب حيث لم يجد أي فكرة ليضيفها عما يكتب عنه لأنه يفتقد التأمل و التركيز فقال لقلمه: لا خير فيك أيها القلم العاجز، وصب جام غضبه على القلم ،ثم أغلق باب مكتبته وانصرف وأرتدى ثوبه وغترته وعقاله حيث كانت جميعها معلقة على الشماعة البيضاء عند باب مكتبته ، وثم وضع قلمه الذي لا يفارقه في جيبه الأمامي وبعد ذلك دس في جيب شنطة الجوال، الجوال وولاعة وسيجاراً كوبياً فاخراً لا يفارقه أثناء القراءة أو الكتابة، وثم علق حبل شنطة الجوال على كتفه وحمل في يده الأخرى كتيباً ووضع في جيبه الأخرى دفتر نوته صغير، وغادر بيته وتوجه لسيارته قاصداً للمقهى بالقرب من مول الرياض بارك وعندما وصل لمواقف المول على الدائري الشمالي أوقف سيارته في المواقف المخصصة لذلك وحينما دلف للمقهى ، قال للنادل: مساء الخير يا أيمن ورد عليه النادل :مساء النور ياسيدي هل هو طلبك المعتاد

 

ـ نعم قهوة تركية مزبوطة ولا تنسَ المياه المعدنية ثم ذهب محمد وجلس في الركن الهادئ البعيد عن الضوضاء ثم أخرج جواله من الشنطة ووضعه على الطاولة وأخرج السيجار والولاعة وأشعل السيجار ثم سحب نفساً عميقاً و نفث دخانه إلى الأعلى ثم بعدها بلحظات أقبل النادل ومعه صينية يحملها ويتوسطها فنجان قهوة تركية وقارورة ماء معدنية

فمسح النادل سطح الطاولة بخفة بواسطة فوطة صغيرة مبللة بالماء، ووضع الفنجان وقاروة المياه المعدنية فوقها وهو يقول: تفضل قهوتك يا أستاذ محمد

ـ الله يعطيك العافية يا أيمن، وأخذ نفساً من سيجاره ونفثه بعد أن ارتشف رشفة من فنجان قهوته شعر بالاستمتاع والراحة، وفيما هو جالس يحاول أن يعصر فكره و يبحث عن فكرة وينظر للوجوه ويتأمل المكان لعله يلهم بفكرة من حضورهم أو كلامهم ثم أخذ نفساً من سيجاره وارتشف قهوته ومن كثرة بحثه وتفكيره شعر بالصداع،وبأن قلمه عاجز لاحول له ولا قوة وأن موهبة الكتابة قد ماتت أو انطفأت بسبب روايته التي لم يكملها بعد، وتذكر كيف أن موهبته قد خانته وتركته في مهب الريح لأنه يشعر بأن الأفكار والكلمات قد تاهت منه لذلك هو ضائع وحائر في هذا الطريق،فقط إن ماكان يحتاجه ليكمل روايته هو شخصية بطلة الرواية لأنثى مُلْهِمة على أرض الواقع وفكر كثيراً ولكن لم يجدها، كي يرتب أحداث روايته ولكن كيف تكون مواصفاتها وشخصيتها ؟!، وتجعل الأحرف والكلمات تخرج بإنسيابية من قلبه إلى قلمه، ولم يكد يكمل تفكيره،فجأة دخلت أنثى وتوجهت للأستقبال في المحل عند المحاسب لتطلب لها فنجان قهوة وكانت حينما فتحت باب المقهى ودلفت بخطواتها الواثقة مع صوت كعبها الذي يرن في أنحاء المكان وطغى رائحة عطرها العبق في كل مكان فقال محمد في نفسه: إنها هي ، نعم هذه هي الأنثى التي كنت أبحث عنها لشخصية روايتي وخاصة حينما رأى جمال وجهها وعينيها وفمها الذي كأنه خاتم سليمان حيث لها شفتان مكتنزتان تعلوهما الحمرة الطبيعية فقد كانت ملاكاً ووجهها كجمال براءة الأطفال ، فقد كانت تتصف بجمال رباني بدون مكياج ولا عمليات تجميل وكان خداها أحمرين تغار من حمرتهما الورد وكان شعرها ناعماً وواضحاً من خلال قصتها التي على وجهها وكانت لابسة نظارة شمسية التي رفعتها على رأسها عندما وصلت للمحاسب وكانت أحيانا تشيح عن وجهها خصلات شعرها، حينها شعر محمد بأنها ليست الأنثى التي يريدها لروايته فحسب ولكن أن تكون الأنثى الملهمة له في حياته وأخرج دفتر النوتة الذي في جيبه ليكتب مواصفاتها وهو يتأمل في جمال وجهها وقدها الذي يتفجر أنوثة وجمالاً ثم أخذ نفساً عميقاً من سيجاره وهو يرتشف من فنجان قهوته مايبلل به حلقه وأخرج قلمه وأخذ يكتب بإسهاب بعدها بلحظات خرجت من المحل هذه الأنثى الملهمة بعد أن أخذت قهوتها ولكن القلم أخذ يفضفض وينزف على الورق بغزارة وتم إكمال روايته في ذلك المقهى حيث جعلها بطلة لروايته.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …