حينما يدخل رمضان يامر الله بعضاً من ملائكته بان تصفد الشياطين ومردة الجن، لكي يعطي الله سبحانه فرص لمدة ثلاثين يوماً لكي يعمل الانسان من الصالحات لكي يكون من عتقاء الله من النار فكان الله يقول للانسان ليس هناك شيء يمنعك من دخول الجنة وليس لك عذر بان لا تتوب وتبادر بأعمال صالحة تجدها في ميزان حسناتك وليس هناك شيء يصرفك عنها والأجر برمضان أضعاف مضاعفة في هذا الشهر الفضيل ولذلك سمي بشهر الخيرات والرحمة والبركات إلا إذا كنت غافلاً او مكابر و لذلك قال الله عن الصوم وليس سواه من سائر العبادات بأنه لي وأنا أجزي به ، لإنه سبحانه يعلم إخلاصك وأن هذا سراً بينك وبينه لايعلمه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده، ولا هوى فيمليه، فيبدأ الانسان المسلم في هذا الشهر بمحاولة أن يكون مايعمله ومايقوله هو سراً بينه وبين الله من صيام وصلاة وقراءة القرأن الكريم وصلة للرحم وصدقات وزكاة وعمره وقضاء حوائج الفقراء والمساكين ومساعدة الناس في نطاق عمله أوعلمه في قضاء حوائجهم بما يستطيعه من خلال الشفاعة الحسنة وكل ذلك إبتغاء لمرضات الله وحسن مثوبته من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه او مدح من الناس، إذاً هو عمل خالص بعيد عن الرياء والسمعة بعيداً عن الشرك الأصغر ، إن شهر رمضان هو شهر لترويض النفس ومنعها عن الشهوات المباحة مثل الاكل والشرب والجماع في نهار رمضان وجعلها منكسرة لله فيمنحها الله التقى والنقي حين الإنكسار بين يديه عند السجود او في الدعاء لذلك نحن نفتقر إلى الله لقوله تعالى” ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله، والله هو الغني الحميد” وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: يقول الله عز وجل: ” الصوم لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي.. ”
فإفتقار الإنسان هو شعوره بأنه دوماً محتاج لله بكل طرفة عين وخاصة في رمضان فأنه يمنحه أشرف المنازل وأعلى الدرجات ويرسل الله إلى قلبه نسائم الإيمان والرحمة ويلبسه حلة أنوار الأحسان لذلك ترى هذا الانسان هادئ البال بشوش الوجه وسمح الاخلاق في تعامله مع الاخرين ويسعى في مناكب الحياة متكلاً على الله فلا يبالي بالمشكلات الصعبة لأنه يعلم بان الله معه وهذه الحياة فانية ولذلك لا يضعف أمام سطوتها أو مغرياتها ولكن همه المحافظة على صلته بالله والإستزادة من الشحنات الايمانية والبعد عن المعاصي لانه يعلم بإنه اذا إبتعد عن الله فسوف يحجب الله عنه النور بداخله وسيكون حائراً في حياته ويشعر بأنه كالضائع في كل طريق يتخبط ويصبح ضائق الصدر وخائر العزيمة وهش الارداة ويشعر بالتعاسة والحزن والكآبة والطفش لأن حياته بلامعنى لذلك يحاول أن يعالج هذا الحزن ويملئ هذا الفراغ الروحي بالشهوات المحرمة والمعاصي التي يعتقد في حينها بأنها تجلب له السعادة وراحة البال وفي الحقيقة هي مثل السراب حيث يعتقد بانه ماء ووجد ضالته فإذا اقترب وجاء له وجد الله عنده فوفاه حسابه مجازياً له على ماإرتكب من معاصي قال تعالى ” والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا و وجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب”، فكما أن الصيام في الدراسات الطبية ينقي الجسم من السموم، كذلك فإن الصوم ايضا ينقي القلب والروح من الشوائب ومن ثفل المعاصي.
سلمان محمد البحيري
Check Also
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …