قراءة في رواية حليب أسود للكاتبة آليف شافاق

في هذه الرواية هي تتحدث كسيرة ذاتية عن لمحات وجوانب من حياة إليف أثناء طفولتها ومراهقتها ثم دراستها وعن حلها وترحالها المستمر وزواجها والمرحلة الأساسية التي تدور الرواية حولها، في حملها وإنجابها وحيرتها بأن تكون كاتبة أو أم ثم بداية من اختيارها لإسمها وإنتهاء باختيار أسماء ولديها، شهرزاد وأمير كما يمكنك أن تقرأها كرواية كاملة التفاصيل، هي رواية نسوية ساخرة صرفة تجعلك في لحظات تضحك من أعماق قلبك وفي لحظات تبكي عندما تشعر بأنها تلامس الأعماق بشكل لايصدق، حيث أن الكاتبة استطاعت أن تشرح المشاعر بهذه الدرجة من البساطة والصدق قد نعتبرها روايه سهله سلسة المعاني  تتناول عالم الحقيقية والخيال لأن فيها شخصيات خيالية التي بها ستة نساء أصبعيات وهي عبارة عن شخصيات تمثل أليف نفسها من شخصيتها وهذه الشخصيات هن  الآنسة الساخرة الرفيعة الثقافة والتشيخوفية النبيلة الطموح، والآنسة العملية الصغيرة، وماما الرز بالحليب، والسيدة الدرويشة، وبلو بيل بوفاري،ولا يمكن عادة أن تكون موجودة في سيرة ذاتية، وكان الحوار جميلاً مابين ذواتها الستة وخاصة الآنسة المثقفة الساخرة، ثم أخذت تكتب عن حياة الآخرين وكانت بدايات أليف الروائية في الكتابة حينما أهدت لها أمها حينما كانت في السابعة عشرة من عمرها دفتراً لتكتب فيه مذكراتها، لكنها لم تجد في حياتها شيئاً مثيراً لتكتب عنه فراحت بدل كتابة يومياتها تخترع شخصيات وتكتب عن حياة الآخرين لتنسل من حياتها وتهرب بعيداً عن واقعها الممل، وتسرد فيه عرض مع صراعها النفسي يبدو أنها لاتحب أن تسهل الأمور على نفسها، لا تحب أن تكتب قصصاً بسيطة سهلة تقرأها مرة واحدة وتشعر أنك فهمتها ولا تحتاج لإعادة قراءتها ثانية، عاشت إليف اكتئاباً بحيث عشش فيها رعب قد أمسكها عن فعل أي شيء، حتى عن فتح باب الشارع. اكتئاب ما بعد الولادة ذاك، دفعها للظن بأنها لن تستطيع العودة للكتابة إلا إذا صار حليب صدرها أسود؛ على طعام أطفالها أن يكون هو نفسه الورق. فإليف هنا كتبت بحثاً نسوياً ضخماً بكل معنى الكلمة، جمعت في بحثها أسماء العديد من الأديبات المهووسات بالكتابة والفن والأدب عبر التاريخ، وكتبت عن تجربتهن، أو بالأحرى عن صراعهن، بين الأمومة والكتابة والزواج والحب ومحاولة جمع كل تلك الجوانب والعيش معها، منهن من قد فشلت في إنجاز جميع تلك المهام خلال حياة واحدة، ومنهن من نجحت، ومنهن من كانت تجربتها مأساوية حيث طرحت أسئلة جوهرية عن علاقة الكاتبات بمجتمعاتهن وبالدوائر الثقافية من حولهن حيث بعضهن قد عاش صراعا مع مجتمعاتهن، وقدمت مراجعة لنماذج منتخبة من تاريخ النضال النسوي حول العالم.أحببت رواية إليف لأنها قدمتها بطريقة السهل الممتنع من خلال سرد جميل وصادق وبشكل لم أعرفه من قبل ، أحببت إليف ليس كمجرد كاتبة بل أحببتها كإنسانة تبين أماكن ضعفها أكثر من قوتها، لهذا كنت مع قراءة كل مرحلة من حياتها أتأملها، شعرت وأنا أقرأ هذه الرواية وكأني أجلس أمامها وأستمع لحديثها لقد شعرت بها، لذلك من جمال هذه الرواية كنت اعيد قراءتها ولقد أعطتني فكرة عن الكاتبات المهووسات بالكتابة والفن والأدب ولقد حمستني أيضا بأن أكتب أسمائهن في قائمة وأبحث عنهن وأقراء لهن لكي يكتمل إستمتاعي بالرواية لكي أشعر أكثر بما تريده إليف شافاق وهذه رواية ممتعة في مفرداتها وتفاصيلها وأنصح النساء خاصة بقراءتها.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …