الوفاء الجميل مابين الزوجين

يشكو بعض الناس من قلة الوفاء، في وقتنا الحاضر بظل تعقد الحياة وتغيرها ،وأن الوفاء قد قل عما كان عليه لدى الأجيال السابقة ،وأنا أقول لهؤلاء إن الوفاء وخاصة ما بين الزوجين لا يمكن أن يغيب فالخير موجوداً في الناس جميعًا وفي كل زمان ومكان ،وهو في المسلمين أكثر، لقوله عليه الصلاة والسلام {لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة } فالوفاء خلق إنساني رفيع وراقٍ ينبغي أن تبنى عليه العلاقات الأسرية، والتي قدوتنا فيها المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام فقد كان وفيًّا لخديجة في حياتها، ووفيًّا لها بعد وفاتها، فهو يذكر أعمالها وأخلاقها، وأيامها وعهدها، رضي الله تعالى عنها، وكيف لا؟ وهي التي آثرته ورغبت فيه، وهي أول من صدَّقه وآمن به،و التي ثبَّتَتْ فؤاده وقوَّت عزيمته، وكانت البلسم الشافي لآلامه وأحزانه والتي واسته بمالها، والتي رُزِق منها الولد، والتي حفظت عهده، وحافظت على بيته وولده، وغير ذلك الكثير، وقد قابل رسول الله -صلى الله عليه وسلم وفاءها بوفاء أعظم منه، فكان من وفائه لها،الحزن الشديد على فراقها، وأنه كان يصرِّح بحبه لها حتى بعد وفاتها، وكان يَبَرُّ صديقاتها ومن يحبُّها، ويهتمُّ بهنّ حتى بعد وفاتها، يذبح الشاة ويقطّعها ثم يرسلها إليهن، فالوفاء بين الزوجين من دعائم استقرار البيوت وسعادتها، ومن قصص الوفاء في وقتنا الحاضر سوف أذكر لكم أربع قصص حقيقية أعرف أصحابها والقصة الأولى لزوجين أحبا بعضهما البعض ولديهما أطفال ولكن في الفترة الأخيرة أصيبت زوجته بمرض في الدم وهشاشة العظام وأصبحت طريحة الفراش ليل نهار وهو يلازمها ويرعى أبناءه بعد مرضها، ولقد ذهب بها زوجها إلى عدة مستشفيات في داخل المملكة وخارجها ولم يترك حتى الأسباب في الرقية الشرعية ولكن وضعها الصحي لم يتغير فقالت الزوجة المريضة لزوجها رحمة بحاله أرجوك تزوج وأنا راضية بذلك لأني أريدك بأن تكون مرتاحاً لأنني لا أستطيع القيام بحقوقك، فقال لزوجته أشكرك على شعورك وأنا راضٍ بحياتي معك ،أهم شيء عندي هو صحتك وعافيتك وعلينا أن نحمد الله على ما جاء منه وأن نرضى بماقسم الله لنا، وأما القصة الثانية فهي لزوجين بدأت معاناتهما بعد ثلاث سنوات على زواجهما حيث لم يرزقهما الله بذرية فبدأوا يواجهون الأسئلة و الضغوط من أهاليهم في مسألة الإنجاب ثم أخذت الزوجة تلمح إلى زوجها في أن يذهبوا للطبيب ليكشفوا جميعاً لعل أن يكون الأمر سهلا وينتهي الأمر بعلاج ولكن بعد الكشف على الطرفين وقع لهم مالم يكن في الحسبان قال الطبيب أن العقم من الزوجة، فحزنت الزوجة وعندما ذهبا للمنزل أخذ يخفف عنها من هول الصدمة وأن هذا ابتلاء من الله ويجب علينا الصبر، ثم بعد فتره أخذت تتزايد الضغوط على الزوج من أهله ثم جمعهم وقال لهم :إن هذه حياتي الخاصة وقال أن العقم الحقيقي هو في الروح والمشاعر الصادقة والحب الطاهر وبعد هذا الموقف اكتشفت الزوجة تضحيته لأجلها وحبه القوي لها ،ولكن الزوجة كانت ما بين فترة وأخرى تعرض على زوجها أن يتزوج حتى يأتيه ذريه وأنها لا تريد أن تكون سبباً في حرمانه من نعمة الاولاد بأنانيتها، فكان يرد عليها غاضباً أنا لم أشتكِ لكِ واستمر معها على هذا الوضع ١٢سنة ولكن الزوجة زادت على إصرارها في أن يتزوج أخرى وقالت: أمامك أحد أمرين إما أن تطلقني أو أن تتزوج ثم التفت لها وأخذ يبكي وقال كلاهما أحلاهما مر ،فقال: إذا كان هذا الحل يرضيك حسنا أنا موافق أن أتزوج ولكن بشرط أن تخطبيها لي انتِ ولكنني لن أحبها مثلك فقالت :أنا موافقة و أنا سأختار لك الزوجة المناسبة، ثم من الغد بدأت الزوجة مرحلة البحث له عن زوجه حتى وجدتها ثم قالت لزوجها: إذهب وتقدم لعائلة الفتاة فلقد كلمتها ووافقت فذهب وخطبها ثم تزوجها وبعدها بشهور أنجبت له بنتاً ولقد أحبتها الزوجة الأولى حباً شديداً كأنها ابنتها وبعد بضع سنوات رزق بأطفال آخرين ثم توفي الزوج والأولاد لازالوا صغاراً، ولقد تولت الزوجة الأولى رعايتهم وتربيتهم وكانت ترفض من يتقدم لها بينما الزوجة الثانية أم العيال بعد إنقضاء العدة تزوجت وتركت تربية أبنائها لجارتها السابقة، وأما في قصة أخرى ثالثة هي لزوجين تزوجا زواجاً تقليدياً ولقد رزقهما الله بأطفال، ولكن بدأت معاناتهما منذ خمسة عشر عاما فلقد ساءت حالة الزوجة النفسية فأصبحت لاتطيق المكان الذي يجمعها مع زوجها، ولقد ساءت حالتها حتى مع أولادها فقام زوجها بعرضها على الطب النفسي وتم إعطاؤها علاجاً ولكن لم تتحسن حالتها وقام بالتسبب لها بالرقية الشرعية ولكن لا فائدة وسافر بها لخارج المملكة وداخلها ولكن وضعها لم يتغير ،وكانت عندما تسوء حالتها كانت تطلب الطلاق ولكنه لايستعجل في الأمر ويأخذها إلى أهلها أوإلى أختها عدة أيام حتى تهدأ ثم تقول انا احب زوجي وهو مايقصر علي بشيء ويحبني ويخاف علي ولكن عندما أكون معه في البيت  أحس بأني لا أطيقه ثم تبكي وتقول أنا أحبه ولا أريد الطلاق منه وتظل تبكي، ثم يأتي زوجها ويأخذها لبيتهما وعندما عادت للبيت صارحها زوجها بقوله: ماذا تريدين هل أنا مقصر معك بشيء هل أنا قد أهنتك فقالت له : لا فقال لها : لو أني أعرف أن الطلاق سيريحك ويشفيك من مرضك كان طلقتكِ، ولكني أعرف أن حالتك ستسوء أكثر، ولا أحد سيتحملك  من إخوتك مثلي لذلك أنسي شيئاً أسمه طلاق من أجل صحتك وعيالنا ولكننا سنكون حضاريين ومنفصلين وكل واحد ينوم بمكان آخر فأنا إكراماً للعشرة التي جمعتنا فلن أتخلى عنك، والقصة الرابعة والأخيرة هي قصة جميلة لأمرأه كانت يتيمة الأب تزوجت من رجل خلوق، وهو كان في بداية حياته فلذلك وقفت الزوجة معه حيث كانت تمتلك منزلاً ورثته عن أبيها فسكنت دوراً هي وزوجها وأطفالهم وجعلت الدور الثاني للكراء، ولقد جعلت زوجها يتولى تحصيل الكراء وكان كلما يريد إعطاءها مبلغ الكراء هي تعطيه إياه فكان عنده أرض فأخذ يبني لهم مسكناً أكبر من المنزل الذي هم فيه فلما أن انتهى من بنائه وفرشه كتب صك هذا المنزل باسم زوجته، وعندما سألته زوجته لماذا فعلت ذلك قال لها إن هذا أقل شيء أقدمه لكِ يابنت الأجواد فوقفاتك معي لن أنساها ماحييت، فهذه نماذج مشرفة تدعونا جميعاً بأن نقتدي بها ونتفاءل ونقول أن الدنيا لازالت بخير ،فلا أجمل أن يكون المعروف بين الناس ولاننسى قول الله تعالى ( ولاتنسوا الفضل بينكم ).

سلمان محمد البحيري 

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …