في طريق الحياة قد واجهت في حياتي أصناف من البشر منهم الجيد الذي ألهمني وعلمني بأن الدنيا لازالت بخير ومنهم السيء الذي قد تأذيت منه سواء كان ذلك من الأقرباء أو الغرباء، ووجدت من بعض صنف السيء الحسد والحقد والبعض الآخر الغيبة والنميمة والبعض الآخر الكبر والغرور،كما لمست من البعض الأنانية والبعض الآخر الكراهية وهؤلاء جميعاً أشفق عليهم وخاصة الكارهين،الذين تجعلهم كراهيتهم جلوفاً و أغبياء في حديثهم وأفعالهم عند تعاملهم مع الآخرين،ولكني اكتشفت بأنهم لايحترمون إلا الذين يقسون عليهم ويهينوهم، فكنت أحدث نفسي عن كيفية التعامل مع هؤلاء الأصناف هل ألبس أقنعة وأعامل كل صنف بالمثل هل أصبح دوماً خبيثاً وأعامل الناس بحذر ويصبحون في نظري سيئين حتى تثبت برائتهم ، فحمدت الله كثيراً بأنني لست من هؤلاء وأنني مختلف عنهم إختلافاً جذرياً وتذكرت مقولة لنجيب محفوظ رحمه الله. “هم على ظنونهم يؤثمون ،وأنت على طهارة قلبك ترزق، فلا تبالي ” فأنا وبدون مبالغة قد تربيت على النقاء والحب للآخرين وحب الخير لهم ومساعدة العاني معنوياً أو مادياً بالذي أقدر عليه ،لأنني قد نهلت من معين ينبض بالخير والأصالة فحينما كنت طفلاً ومراهقاً كنت أحضر في بعض الأحيان أحداثاً تدور في الديوانية حيث كنت أرى ناس أقرباء أو غرباء حينما يزورننا كضيوف ونقوم بواجب الضيافة معهم في جميع المناسبات الأعياد والولائم للأقرباء ومن كان عاني لنا، وكنت أرى وأشعر كيف يتعامل جدي عبدالعزيز ووالدي محمد وجدتي نوره ووالدتي مع هؤلاء الضيوف وكيف يلاطفونهم ويبتسمون في وجوههم وكنت أرى في الديوانية أحياناً المتخاصمون و كانا جدي ووالدي يصلحان فيما بينهم سواء كانوا أقرباء أو غرباء فيخرجوا وهم راضين بحكمهما وكانا يسعيان لقضاء حاجة المحتاج أو من كان يستشيرونهما في أمور الحياة وخاصة أن جدي كان متحدثاً لبقاً ولديه حكمة و سعة إطلاع بالشعر والثقافة والفلك والنجوم والزراعة وأحداث التاريخ وقصص حتى نحن الأطفال كنا نستمتع بحديثه برغم أنه لم يتعلم إلا في الكتاتيب”حلقات القرأن “و من خلال إستماعه للمذياع ومشاهدته للبرامج المفيدة في التلفاز وإختلاطه بالناس أصبح لديه سعة أفق وثقافة وأما والدي رحمه الله فقد كان عصامياً و لديه خبرة في شؤون الحياة، وأما جدتي نوره الله يرحمها فقد كانت لديها خلفية بالطب الشعبي وكانت تقرأ القرآن على من كان مريض وكانت علاجاتها بالعسل والكي وبالمرة والحلتيته وزيت الزيتون والفقس واللبخة “الصبخه”،،،،،ألخ وكانت تساعد الناس لوجه الله ولا تتقاضى أجر على ذلك وكان يسعدها شفاء من تعالجه وخاصة الأطفال ودعوات المرضى لها، لذلك في حياتهم أو بعد رحيلهم عند الرفيق الأعلى كانوا يذكرون بالخير ويدعون لهم الناس حينما يعلمون أنني إبن لهم لأنهم لم يعيشوا لأنفسهم فقط بل كانت حياتهم عطاء ،فكنت أرى معاملتهم مع الآخرين تتسم بالطيبة والحب والتسامح والصدق، لذلك تشربت هذه التربية منهم أنا وأخوتي وأصبحت حينما أمشي في مكان أشعر بالثقة والشموخ وأن هناك بعض العيون ترقبني ،ليس وسامة فيني ،ولكن لأن والدي وجدي عبدالعزيز وجدتي نوره رحمهم الله أجمعين قد ربوني على الرقي والرجولة الحقيقية.
سلمان محمد البحيري
Check Also
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …