كنت أعتقد بأنني حينما أكملت تعليمي بأنني قد تعلمت كل شيء وأصبحت الأفضل،ولكني إكتشفت بأن دراستي ليست كل شيء وذلك من خلال إنغماسي في الحياة العملية في بداية زواجي حيث كنت أعمل 15ساعة في اليوم برغم أن جدي عبدالعزيز ووالدي محمد رحمهما الله قد قالا لي: لاترهق نفسك إسترح وسنؤمن لك كل ماتريده،ولكني شكرتهما وقلت لهما أنا أريد الإعتماد على الله ثم على نفسي كي أكتسب خبرة في العمل والحياة ولكي أكون أكثر معرفة بالناس،ومن خلال عملي في المساء إستطعت تعلم اللغة الإنجليزية بحكم الممارسة وكتابة التقارير المالية والإدارية ونواقص السوق وطلبات الزبائن لأن أغلب زبائننا أجانب من الأمريكان والأنجليز والفرنسيين وأصبحت أحرص على التعاطي مع المعلومات الجديدة من خلال عملي أو الزبائن، وحتى لو كانت المعلومة صغيرة ولم أترك القراءة حيث خصصت لها يوم في الأسبوع لمدة ساعة في يوم إجازتي،ومن خلال تمرسي في العمل لاحظت بعد ذلك زيادة الثقة في نفسي أكثر، وبأنه صار لدي عادات وسلوكيات كنت متمسكاً بها لسنوات طويلة قد تغيرت وأبدلتها بالأفضل وبعضها قد إستطعت تعديله حيث إستمتعت بذلك،وشعرت بأنني قدعملت تحديثاً لنفسي وأنني قد كسرت الروتين خاصة وأن عملي في المساء فيه متعة وإبداع أكثر من عملي الحكومي الروتيني حيث كنت أعمل في شركة بنده وهذا الكلام كان من حوالي 35 سنه وقد إبتدأت العمل عندهم بمحاسب و بعدها مساعد مدير فتره ثم مدير فتره بحيث أستطيع بأن أدير أي سوبر ماركت مالياً وإدارياً من محاسبين وعماله وخدمة العملاء،ولقد فاوضتني الشركة بعد ذلك بفترة عن الترقية لكي أصبح مدير سوق بعرض مالي مغري من خلال راتب مجزي ونسبة في المبيعات ولكن بشرط أن أتفرغ لهم و أترك عملي الحكومي في وزارة الشؤون البلدية،ولكني قد رفضت هذا العرض لأنه سوف يحرمني من نظام التقاعد،وقد كانت خدمتي في هذه الشركة لمدة خمس سنوات،وكان أبرز ماعلق في ذهني ولا أنساه حينما كنت مدير فترة في سوبر ماركت بنده بالعليا في شارع الثلاثين، فقد إستطعت بأن أبيع بضائع مختلفة لقصر الملك فهد رحمه الله بقيمة خمسين الف ريال حيث إستطعت تأمينها من الفرع الذي أعمل به وطلبت البعض الباقي من فرع العقارية وفرع العروبة بعدما جعلت وزير القصر يجلس في مكتبي وطلبت له مشروب غازي حتى تم تجميعها والتشييك عليها،وقد كان هذا في أزمة الخليج إبان حرب تحرير الكويت ولقد كان وزير قصر الملك فهد سعيداً في ذلك الوقت لأنهم قد وجدوا كل ما أرادوه لدينا كما أن من كان سعيداً هو الشيخ حمود البراهيم الذي كان مديراً لشركة بنده ولقد كلمتني الشركة صباحاً حينما كنت في عملي بالوزارة وقالوا فيه لك خطاب شكر وهدايا وهناك مكافأة أيضاً بسبب أن الفرع قد حقق أعلى مبيعات في فترتي المسائية على مستوى فروع شركة بنده التي في المملكة،وقد تعلمت من هذه التجربة بأن الخبرة تأتي من خلال الممارسة وأن لاتستجعل على صعود السلم الوظيفي ولكن يجب عليك بأن تصعده بالتدرج وأن تستفيد من تجارب الآخرين،ولكن لابد بأن يكون لك البصمة الخاصة بك، وأن عليك بأن تستمع بكل مرحلة حتى وإن كانت متعبة، لأن هذه تهيئة للإنتقال للمرحلة التالية الأفضل، وأن لاتقارن نفسك بأحد لأن لكل شخص تجربته الخاصة وأسلوبه في تحقيق النجاح،ولكن قارن نفسك عن نفسك بالسابق وأحرص على تطويرها وتقبل أخطائك ،وأن المعلومة الصغيرة إذا أستوعبتها بشكل جيد فهي تغنيك عن عدة كتب،وإذا أخذت دورة في تطوير عملك فهذه المعلومات تحتاج إلى الصبر والتأني لكي تطبقها على أرض الواقع لكي تصبح لك خبرة،ومابين فترة وأخرى رفه عن نفسك في الإجازة الأسبوعية من خلال نزهة أو حضور فيلم في السينما أو حضور مسرحية،وحاول بأن تحصل على إجازتك السنوية وتسافر لمكان لم تزره من قبل بمفردك،وأن تستمتع بصحبة نفسك لكي تختلي بنفسك وتتأمل في الطبيعة حيث الأماكن المفتوحة الواسعة مثل البحار والأنهار و الغابات والمزارع والحدائق لكي يساعدك ذلك في سحب التوتر وتهدئة أعصابك ،وتجديد الطاقة لديك لكي تشعر بالإنتعاش والمتعة، وأنك قد إستجميت بالقدر الكافي لكي تستطيع بأن تعود للعمل بعد إجازة رائعة وأنت في كامل طاقتك الإيجابية.
سلمان محمد البحيري
شاهد أيضاً
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …