تلك الفترة هي الأكثر جنوناً في حياتي حتى الآن، لم أبذل مجهوداً كما بذلته في خلال هذه المرحلة، حيث كانت أشد وطأة وألماً وصعوبةً بالنسبة لي ،حيث لم تمر علي مثلها في الأعوام الماضية، ولكن برغم قسوتها، قد إستطعت تجاوزها وكانت النتائج مُمتِعة ومُدهشة، إتخذت على إثر هذه المصاعب التي واجهتني قراراتٍ كبيرة فكرت فيها وسعيتُ لها،كما أن هناك بعض القراراتٍ السابقة قد ألغيتُها، وكان ذلك أيضا يشمل بعض الأشخاص في حياتي، كانت قرارات جريئة وصعبة ومُهمة، وقد تعلمت من هذه الفترة دروس كما طورت من قدراتي وأصبحت أكثر قراءة،إنها فترة مجنونة وتم تعاملي معها بجرأة، وأصبحت أشعر بالسعادة وكأني قد سقطت من سفينة كادت أن تغرق ووجدت نفسي في الماء بالرغم أنني لا أحسن السباحة، فأخذت أحرك يداي ورجلاي حتى وصلت لشط الأمان لقد كان أمراً متعباً ولكنه يهون في سبيل النجاة والحياة، ولايوجد شيء صعب أو مستحيل إذا كان هناك أمل وصبر وتوفرت الإرادة.
ثم بدأت الأمور تنجلي في الأفق عن أحلام ستتحقق لي، ولم أصدق ثم بدأت أحدق و أرى الأفكار تُصبح واقعاً، بعدما كنت أعتقد بأن تلك المصاعب كادت أن تطيح بي و بأحلامي ولكني تعلمت بأنك إذا أردت تحقيق شيء في الحياة فيحتاج الأمر فقط إلى التعلم وإتخاذ القرار ووضع الخطة والإتكال على الله والصبر مع القليل من الجُرأة، وحتى لو واجهت محن فستجد في أنها تحمل لك بباطنها منح وهذا كل مانحتاج إليه لإيماني بقوله تعالى ” إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا “،فهذا سر العظمة المُخبئ في أعماق قلوبِنا الذي نستطيع به أن نحول الرمال التي في أيدينا إلى ذهب،لذلك في هذه الفترة قد شاهدت لُطف الله معي، هل لأنني قد ساعدت البعض ولم أمس أحد بشر سواء كان قولاً أو عملاً ،لذلك حدث معي معجزاتٍ لم تكن من صنع عقلي ولا قراري شاهدت الله في كل شيء، شاهدته معي في الألم والمرض والوحدة والخوف من فقدان أمي أو زوجتي،وخذلان من قد أحببتهم وأحسنت الظن فيهم، شعرت به في الألم و كُل فَقدٍ وفي كُل كسب.
في هذا الفترة تعلمت أن كل شيئٍ يمكن أن يتغيّر إذا كان هناك رغبة وإرادة مهما كان الضباب يُحيط بك من كل جانب بعقلِك وقلبِك وجسدِك، حيث يمكِنُك تجاوز ذلك بتقوية بصيرتك ولا تتكل على بصرك فقط، بحيث تسعى لإكتساب مهارة وتعديل أي عادة لم تثبت جدواها، وتغيير أي فكرة تتبناها للأفضل، وإبعاد أي إنسان يسرق منك طاقتك وسعادتك، فقط تعلم كيف !!، إطلق لأحلامك والأمل العنان وأعمل عليها وكُن صادِقاً فالكون لا يحترم اليائسين،أو الذين يفقدون الثقة في أنفسهم عند الإخفاق ويستمعوا لإستهزاء المحبطين ،في هذه الفترة كانت لدي ظروف صعبة وإخفاقات ومخاوف إعتقدت أنها ستُلازمني فترة طويلة أو إلى الأبد،لكنها وياللعجب تغيرت للأفضل في آخر عام 2017 حيث بدأت أحلامي تزهر وتتلوّن وتطرح ثمارها فيما بعد.
لذلك أحسنوا الظن في الله ثم ثقوا في أنفسكم بأن ماتُريدونه يمكِنُكم تحقيقه وبناءه أو صناعته أو إبتكاره فقط بقليلٍ من التعلم مع الإرادة الصلبة وترك المجال لأرواحكم أن تعمل وتتأمل.
هذه الفترة علمتني البساطة والسهولة مع الصبر في مواجهة الحياة دام أنك متوكل على الله،وعلمتني بالإستمتاع ولو بالشيء الصغير،وأن أكون سعيداً في كل يوم يمر علي وأن سعادتي تنبع من داخلي حينما أكون قريباً من الله،ولذلك فكل مامر بي أعتبرها رسائل من الله غير مباشرة لي تأتيني من خلال الأشياء التي أواجهها والناس، لذلك أعتبر هذه الفترة مقدمة خير قادم وجميل إن شاء الله، لسنوات قادمة ستكون أفضل بأذن الله.
سلمان محمد البحيري
شاهد أيضاً
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …