في العالم الموازي كل ميسر لما خلق له

إن العيش في المدينة الكبيرة حيث الإزعاج والتلوث والإزدحام، يضغط على أعصابنا ويصيب بعض وجوه العابرين بالقلق والعبوس، ويجعلهم يفتقدون للصبر ويكونوا مستعجلين وتتخذ في الغالب قرارت خاطئة لأنها بدون تأني وروية ،ولكن حينما تكون في مكان جميل وهادئ سواء كان ذلك في الداخل أو في الخارج وكنت مسافراً لمنطقة ذات طبيعة جميلة،فإن تفكيرك يكون أكثر عمقاً وهدوءً ودفأً وتكون أكثر توازن في قراراتك التي تكون صائبة وتشعر بحالة حنين لكل الذكريات الجميلة التي قد مرت بك ، فأتذكر المقولة التي تقول بأن الله قد خلق لك من يشبهك أربعين في مختلف الكواكب الأخرى أو لنقل على الأرض فهل الأشياء التي تحدث لي تحدث في حياتهم أيضاً وتكون وليدة الصدفة؟!، هكذا تتراءى لي تلك الأمور وخاصة حينما أكون في مكان هادئ وجميل أكون شخص آخر عن من هو في المدينة فكيف لو كنت في زمن آخر، ستكون بلا شك تفاصيل كثيرة لتنسج قصص غير عادية؟! وأفكر وأقول في نفسي كيف تعثر على مايشبهك في عالم آخر؟! كيف لو تشعر لو أنك سافرت عبر آلة زمنية، ماذا لو ذهبت في عالم مواز أو سافرت عبر آلة الزمن فماذا ستجد ؟!حتما أنت في البداية ستواجة تجربة البدايات الصعبة،الأحداث الجديدة منها المؤلمة والجميلة تحدث لك بدون ترتيب منطقي ،فدفء المكان الجديد الذي تحول فجأة إلى برود جامد والطرقات ووعورتها إنها بيئة جديدة عليك، وهناك ناس غرباء لانعرفهم،فالبدايات تكون بسيطة بريئة وعفوية بشكل مطلق ونحاول التكيف مع البيئة الجديدة، و نبحث عن الإحتواء، وعن إعتراف بوجودنا،عن تسجيل لإنتصارات لنا صغيرة.

فأنا مثلاً أهوى الأدب و الفلسفة والخيال العلمي ولا أحب تفاصيل النظريات العلمية والفيزيائية، ولا تدخل في حيز اهتمامي بسبب لغة الارقام والمعادلات، وأفترض في عالم مواز آخر بأن الشبيه لي موسيقي يراقب ضوء شمعة إنعكس وهجها على كأس به ماء فتأثر بالمشهد، لأنه حساس وفنان، ولديه تحف نحاسية منقوشة وبعض الآلات الموسيقية والتي قد رُصت بعناية على رفوف خشبية جميلة في غرفة لها نافذة تطل على الاشجار في الباحة المقابلة.

ففي كل الأحداث التي تقع في حياتنا، يتفرع الكون في أكثر من إتجاه ، تنقسم أرواحنا إلي نسخ مختلفة تعيش كل واحدة كل واحدة منها بمعزل عن الأخرى في عالم مختلف عن الآخر وهكذا تُخلق أكواننا المتعددة.

إذا فكل واحد منا لايعرف ماذا ينتظره في العالم الآخر المواز، ولا كيف سيكون الزمن من ساعات مليئة بالشغف والقصص إلى أيام تعيش فيها في مدينة أو مكان لايعرفك فيه أحد.

فالأقدار من الله موجودة ومختلفة ولو كانوا من الأشباه الأربعين في عوالم أخرى وأكواناً متعددة بأزمان مختلفة تحسب بالسنوات الضوئية،فمثلاً لا أحد يعرف حجم الهوة التي يمكن أن تكون بين عقل وقلب أديب لامع قد عاش عقود من العمر برفقة الكتب والقلم، وبين الشبيه ولكنه موسيقي في عالم مواز آخر،فكل ميسر لما خلق له وحسب التربية والبيئة التي تساعد على ذلك إنها كالأحجية لن نعرف أبداًحكمة الله في سببها.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …