في يوم الثلاثاء الموافق هـ 28/2/1440 جاءني خبر وفاة صديقي محمد بن حسن الحسينان كالصاعقة وذلك بعد صراعه الطويل مع المرض،وقد صلينا عليه في جامع أم الحمام وعزيت فيه إبنه وأخوته،أبو فهد قد كانت بداية معرفتي بك كزميل في العمل ثم تطورت العلاقة بيننا إلى صداقة فلازلت أتذكرك حينما كنت أزورك في منزلك الذي في البديعة ثم في حي التعاون،أتذكرك في مجلسك وفي حديثك،وأتذكرك في زيارتك لي في منزلي وعندما كنا نذهب لمزرعتنا والبر مع بعض الأصدقاء سويا،قد عرفتك ذلك الانسان صاحب القلب الطيب الرحيم وأشعر بأني مقصر في حقك مهما عملت ،فقد تعلمت منك ان الحياة والعمل عطاء وبذل فلازلت أتذكر حينما كنت مسؤولاً عن إدارة الشؤون الإدارية،حينما كنا بالوزارة في الناصرية وبعدما إنتقل العمل لحي الملك فهد، وكنت تعد الخطابات المتعلقة بذلك وخاصة فيما يتعلق بخلاصة الحضور والإنصراف فقد كان لك أياد بيضاء على بعض الزملاء الذين لديهم ظروف خاصة حيث تشفع لهم شفاعة حسنة ولا تستعجل بإستخدام صلاحياتك بإحتساب العقاب في الغياب أو التأخير في بعض الأحيان، وكنت دوماً قريباً من الأمر الذي فيه الخير والمنفعة للموظف أو في السعي لترقية الموظفين المستحقين أو في تسهيل إنتقالهم للمدن التي يوجد بها أهاليهم أو أسرهم، فقد كنت سمحاً ومرناً ومقدراً لظروف زملائك في العمل وبالحياة وكان الكل يدعو لك ويذكرك بالخير لحسن خلقك حتى بعدما طلبت التقاعد المبكر،فأنت بصنيعك هذا قد سننت حسنة طيبة في كيفية الحلم و العمل والتعامل مع الموظفين وكنت لاتستخدم صلاحياتك في العقاب إلا إذا إستفحل الأمر وكان هناك تهاون وإستهتار وقد كنت دائماً مبتسماً ومتواضعاً وجميلاً في حديثك وكنت تفطر دوما معنا في العمل ولا تخلو جلستك من الدعابات،وإذا كان هناك خطأ من موظف في اداء العمل،لم تشهر به وتتصيد عليه الأخطاء ولكنك كنت تلفت نظره بذوق لوحدكما بدون أن يعلم أحد وتقول للموظف إن الخطأ وارد في العمل ونحن لا نخطئ إلا إذا كنا لا نعمل،وكان البعض يستشيرك بالعمل وفي بعض أمور الحياة،لإنه قد عرف عنك حكمتك وسداد رأيك فرحمك الله يابوفهد و أسكنك فسيح جناته،ثم تذكرت حياة الإنسان ورحلة الموت فحياة البرزخ مثل حياته في رحم أمه فالله هو المتولي بخلقه وتكوينه ورعايته وحياته في رحم أمه وكذلك حياتة في عالم البرزخ فحينما يكون الإنسان في القبر فإنه يكون في رحم أمه الأرض فهي حياة من نوع آخر لا نعلم عن كنهها وكيفيتها إلا ماقد جاءنا من خلال القرآن والسنة ،فالمؤمن يشعر بنعيم الجنة في قبره،والكافر أو المشرك بالله يشعر بأنه يعذب ويضيق عليه ويصبح قبره قطعة من النار ،والمؤمن تنهال عليه في قبره دعوات أهله ومن يحبه وأجر الصدقات الجارية التي فعلها مع الآخرين في حياته الذين يلهجون له دوماً بالدعاء،وأما الكافر فتأتيه في قبره دعوات الناس عليه بسبب ظلمه لهم وأكله لحقوقهم،والعاقل من أدرك بأنه في هذه الحياة الدنيا كأنه عابر في سفر ومستظل تحت شجرة وسيقوم ليتركها ليواصل مسيرته،ولا يبقى إلا العمل الصالح لله والفضل والمعروف بين الناس.
سلمان محمد البحيري