هي لم تمت لأنها لازالت بداخلي وحبي لها بداخلي حي كانت معطاءة بالحب والحنان والعطاء مع زوجها وابناءها ومع الناس لذلك كانت محبوبة من الجميع، وكان برغم طيبتها وجمال روحها كانت رحمها الله جميلة وكان لها هيبة في بيتها أوحينما تكون مع جاراتها أو مدعوة في وليمة أو عرسأ ومع النساء اللواتي يأتين إليها في منزل جدي عبدالعزيز رحمه الله وهن يعرفنها وهي لاتعرفهن،إنها جدتي نوره الحمودي وكنت في خلوتي أتذكر لحظات كالحلم الجميل حيث كنا نلهو معأ أنا وأبن عمتي وأخي من الرضاعة فهدالخميس في المزرعه التي في شعيب وبره بوادي حنيفه ونلعب الكره ونسبح في الجابية ونصعد الجبل معاً ،ونأكل من شجرة السدره ثمر العبري“النبق” وحينما عدنا رأينا جدتي يرحمها الله وأمي عافاها الله من مرضها كانتا جاثيتان أمام الحديدة “المقرصه” حيث كان تحتها موقد وكانتا تتناوبان في فرد العجينة بيديهن ثم تلوح كل واحدة بها في الهواء حتى تنفرد على ذراعيها في خفة وسرعه ثم تضعها على الحديدة لكي تنضج على المقرصه وبعدما تصبح شقراء على الحديده يتم حمل القرص ووضعه في صحن كبير وأحياناً تعملان عليها المراصيع ” المصابيب” أما بالدبس أو بالعسل او بالبصل البلدي والطماطم والسمن، وقد كان الصباح منعشاً والهواء نقياً والهدوء يعم الأرجاء ماعدا صوت القمري والعصافير وصوت ماكينة البلاكستون التي تصدح ليس في المزرعة فحسب وأنما في الشعيب كله، كما كان نور الشمس الذهبية الدافئة تنعكس على دخان القرصان ذو الرائحة الجميلة وعلى جداول المزرعة التي بها الماء والجابية وتتسلل شمس الصباح مابين جريدالنخل وأوراق الشجر في منظر يبعث في النفس الأمل والطمأنينة والجمال والراحة، بعدها جآني إتصال على الجوال ليقطع علي شريط هذه الذكرى الجميلة عن ذلك المكان والزمان الجميلين.
سلمان محمد البحيري