كيف تكون الشيخوخة؟!

حينما رأيت تطبيق الشيخوخة الذي يحول ملامح الشاب فيجعله شيخاً كبيراً، ثم تأملت وتذكرت بأن الإنسان يمر بعدة مراحل في عمره ابتداءً من الطفولة ثم المراهقة ثم الشباب حيث يبدأ يمر ببعض تجارب الحياة ثم الشيخوخة لذلك كان لابد أن يعيش الإنسان كل مرحلة بتجاربها وظروفها ومتطلباتها لكي يتعلم ولايصل إلى عمر الأربعين إلا وقد أدرك كينونة الحياة وأصبح لديه معرفة بظروفها وأصبح لديه خبرة ومراساً في التعامل معها وصار يضفي عليها بعض اللمسات الجمالية من الإيمان والصبر والحب والتسامح والحلم والأمل والتفاؤل والتأمل على تلك الخيبات والصدمات ويقاومها بالحكمة والخبرة والنضج،ولذلك بعض الناس يرسم الزمن علامات الشيخوخة على جسده ويغزو الشيب رأسه وتتسلل التجاعيد إلى وجهه وربما احدودب ظهره ولكن روحه وقلبه لازالت شابة حيث أنها متقدة بالسعادة بسبب تسامحه في التعامل مع الآخرين وحب الخير لهم كما يحبه لنفسه،لذلك تلقى البشاشة والابتسامة على وجهه وتجده يحتفي بالأشياء الصغيرة الجميلة لكي يسعد نفسه، كما تجده يعمل ويتعلم يشغل نفسه في أشياء مفيدة وليتعلم من الوقت الحاضر لكي يكون مواكباً لعصره فتجد روحه شابة كالواحة الخضراء وقلبه أخضر وإذا جلست معه تستفيد من حديثه ولاتمل منه بسبب أفكاره المتجددة والطموحة والتي تدعو للأمل والتفاؤل ، بينما هناك شباباً في العمر والبدن ولكن تجلس معهم تحبط من كلامهم بسبب تشاؤمهم لأن أرواحهم قد شاخت لأنهم قد جعلوها مطمورة في اليأس والتشاؤم والحزن والألم ودائماً متشائمين وسيئي الظن في الآخرين ويحملون الآخرين مآسي مايمرون به ،فلذلك تجدهم منهارين من الداخل وأرواحهم وقلوبهم منهكة ذابلة ولم يكيفوا أنفسهم مع واقعهم وواجهوه بشجاعة بشيء من الإيمان ومحاولة التغيير من الداخل بطرق بناءة ،نعم لاننكر بأنه تمر علينا أوقاتاً نشعر بها بالاختناق من شدة صعوبات الحياة ونشعر وكأننا في متاهة ولا نعرف أين المخرج للطريق الصحيح،ولكن فلنتذكر بأن علينا أن لانغفل عن الإيمان بالله والاستعانة به فهو قادر على تغيير كل شيء بكلمة كن فيكون ولكن علينا الصبر والاحتساب لله وعدم الإستعجال،فإلى الذين قد شاخت أرواحهم وهم لازالوا شباباً فالله قادر على أن يعيد ترميمها لكم بالدعاء وحسن الظن به قال  تعالى “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ” وأن الله قد قال “إن مع العسر يسرا” ولم يقل بعده وأن كل محنة يأتي بعدها منحة ،وأن الألم يصنع الله به لك أملاً فلا تيأس وتتشاءم ولا تظن بالله سوء الظنون كما لاتظن بأن الحياة بائسة وكما قال الشاعر كن جميلاً، ترى الوجود جميلاً فلذلك اعمل ماتقدر عليه من الأسباب ودع الباقي لله وستجد بأن الأمور تتغير بأفضل مما توقعت وكن مبتسماً ومتفائلاً لكي تكون جميلاً وتذكر بأن الغيوم لا تدوم ولكن تلبث وقتاً قصيراً ثم تنجلي وتذكر دعوة المشركين في السفينة وهم في البحر وحينما دعوا الله مخلصين أنجاهم من هول أمواج البحر،وأنت لو أنك دعوت الله  وتعاملت معه في أمورك كلها من باب أنك تكون معه في الرخاء والشدة فلن يتخلى عنك فإذا كنت كذلك ستبعد التجاعيد المبكرة عن وجهك ويكون وجهك مشرقاً وروحك مشرقة، لأنك تعيش كل يوم بيومه بجميع تفاصيله الصغيرة وتحاول أن تخلق منها الفرح والابتسامة ولا تتركها لكي لايخف وهجها وجاذبيتها،وكلما تعودت على الاحتفال بهكذا أمور، فإنك تجذب السعادة والرزق والفرح والنعم لك لأنك قد عشت بامتنان وإيمان وتصبح روحك شابة جميلة وثابة لايؤثر عليها عوامل الزمن وحتى لوشاخ الجسد.

سلمان محمد البحيري

About سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

Check Also

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …