الأسد الذي بمزرعتنا

بينما كنت أتمشى في حديقة الوزارة رأيت قط ضخم ،وتذكرت ذلك القط الأبيض ذو البقعة السوداء على رأسه وذيله وجزء من رجله الذي كان بمزرعتنا، هو كان قطاً عادياً وليس من فصيلة معينه مثل السيامي أو الشيرازي أو السيبيري أو المانكس أو بيرمان وخلافه،ولم يكن قطاً ناعماً إلا معنا أنا وأخوتي وكان وحشاً مع الحيات والعقارب والفئران بل حتى مع الكلب أو الثعلب حيث كان يتصارع معهم ويتغلب عليهم ، حيث كان حارساً قوياً أميناً،وكان عندما يلمحني أو أحد أخوتي قد جئنا من المدرسة يأتي نحونا مصطدماً بأقدامنا ويتمرغ ويصدر مواء خجول وحينما كان يجلس في حضني كان يصدر صوت صادر من صدره لشعوره معنا بالأمن والدفء والمحبة،وكنا نعطيه أحياناً مما نصطاد بالبندقية من عصافير أو بعض الطيور مثل القطا والدخل والشول والخواضير والسمان والصعو والعبيدات والصفاري وخلافه أو من أكل في المنزل، ولكن في الغالب هو دائماً متواجد في أحواض المزرعة يبحث عن رزقه بنفسه، حيث كان يحب أن يصطاد و يأكل من خشاش الأرض وكان مقاتلاً شرساً لايمل ولايتعب ولايكل وخاصة مع الكلب أو الثعلب أوالثعبان أو فئران الحقول ،وكنت قد رأيته يقاتل ثعباناً طوله أكثر من مترين وكان يقفز عدة مرات ليتلافى عضات الثعبان حتى أتعب الثعبان وتغلب عليه بعد أن ضربه بمخالبه على رأسه،ثم رأيته قطع رأس الثعبان ولم يأكله ثم بدأ يقطع جسم الثعبان و يزدرده بالتدريج وتغيرت لون عينيه وصارت حمراء ، فقد كنت سعيداً أنا وأخوتي بهذا القط وكنت أفتخر به عند أقراني ،وهو بعكس قطط هذه الأيام التي تخاف من الفأر وتهرب منه ،ولكن ماقد أحزنني وأحزن أخوتي هو أن أخي سلطان قد قتل القط بالخطأ في وقت المغرب ظننا منه بأنه كلب، وحينما ذهبنا لنرى حتى صدمنا فقد كان الضحية هو قطنا الأبيض وكان مضرجاً في دمائه وممزقاً، فصدمنا فنحن من قتلناه بأيدينا ونسأل الله المغفرة لنا، لأننا لم نكن قاصدين ، لذلك قد فقدت هذا القط النادر الذي لم أرى قطاً حتى الآن في شجاعته وقوته، فهو كان قطاً بالشكل ولكنه كان أسداً على أعدائه، وناعم وهادئ وحنون معنا فسبحان من خلقه وعلمه.

سلمان محمد البحيري


عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …