رحلة للعالم الآخر

كنت بعتمة الليل واقفاً تحت شجرة لأتقي البلل بسبب سقوط المطر مع دوي صوت البرق والرعد الشديدين مع ريح شديدة ومطر قوي، ثم قررت الجري إلى مكان آخر لا أعلم أين وكانت خطواتي تتسارع كثيراً، أسمع وقعها وشعرت كأن شيئاً في هذا الظلام يجري من خلفي ولكن في شدة الظلمة لا أستطيع رؤيته ، وكأن صوت أشياء تتكسر من خلفي وأشياء تتحرك من مكانها ،فأصبحت أجري أكثر سريعاً ثم تفاجئت بحافة هاوية أمامي ولم استطع أن أوقف نفسي حتى سقطت من علو جبل شاهق وأيقنت بأن الموت قادم ،ثم وجدت نفسي أسقط في بحر عميق مظلم ، بعدها شعرت بضيق النفس وقلت في نفسي أن الموت قريب لامحالة فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ثم قالت نفسي ماذا عن مصير والدتك وزوجتك المريضيتين وهل تخاف عليهما من بعدك ؟! ثم قلت لنفسي ماذا قدمت من أعمال صالحة وماذا قدمت من أثر لأسرتك ومحيطك ومجتمعك هل أديت رسالتك على ما ينبغي ، ياترى هل نلت من الله الأجر تجاه أصعب إبتلاء في حياتك ياترى هل صبرت بما فيه الكفاية مع الرضا والتسليم، وكنت أستعرض هذه الأمور مع نفسي وأنا اشعر بضيق التنفس نعم كان صوتي حبيساً ولكن ذلك كان حواراً مابين عقلي ونفسي، فقلت مناجياً لله اللهم إنك أعطيتني هذه الحياة وهذا الجسد وأنت المعطي وأنت الماخذ وخلقت هذه الحياة ومافيها من سموات وأراضين، اللهم تلطف بي ولاتحاسبني على قدر أعمالي لأنها لن توفي شكر نعمة واحدة من نعمك التي أنعمتها علي، ولكن حاسبني بواسع رحمتك ومغفرتك وكرمك وسامحني على أنني لم اعبدك حق عبادتك وسامحني على تقصيري في حق والدتي وزوجتي وأسرتي وأهلي ، وكنت أشعر بأني مستعداً للقاء الله ولست خائفاً منه وإن كنت مقصراً في حقه سبحانه بحيث لايكون وقتي كله في ذكره وشكره و الإستغفار الكثير له،ولكني كنت مسدداً ومقارباً بإذن الله ولعل ذلك يشفع لي عنده،وكنت اساعد المحتاجين بقدر استطاعتي وكنت اساعد بعض الناس فيما أعرفه و أعمل به ودائماً كنت أسأل الله وأستخيره في جميع شؤون حياتي ،حتى عندما كانت تضيق بي الدنيا وأكون وحيداً ليلاً في فراشي فكانت دموعي تنسال من على وجنتي ثم على مخدتي بدون أن أشعر، كنت أجده لا يتخلى عني أو يتكبر علي وأشعر بعد دعائي له بالبرودة على قلبي والإنشراح في صدري، وأحمده وأشكره على أن هداني للقيم التي رباني أهلي عليها ولم أحيد عنها،ولذلك أشعر بالسلام والأمان والقوة في كل موقف مهما واجهت من مصاعب، وكنت متأهباً للإبحار نحو مرافئ البرزخ ثم صرت أسمع أصوات من رحلوا في ذاكرتي عمي إبراهيم و وأخوي بحير وجدتي نوره وجدي عبدالعزيز وأبوي محمد الله يرحمهم جيمعاً أسمع أحاديثهم وضحكاتهم وأرى نظراتهم لي وكأنهم يحتفون بقدومي لكي يشعروني بأني لست وحيداً في هذا الطريق ولكي تسلى روحي في سباتها الطويل، و ثم بعد حديثي مع نفسي وسلمت أمري لله بدأت أشعر بأنني أتنفس بسهولة وكأن الحياة قد عادت لي وبدأت نبضات قلبي تكون هادئة ومطمئنة،ثم شعرت بأنني عدت للحياة و سمعت صوت آذان الفجر وحمدت الله بأنه قد كان كابوساً وحمدته أيضاً على أنه قد أعطاني فرصة جديدة للحياة لكي أطيعه أكثر وأن أحاول أن أتعلم شيء مفيداً وأطور من قدراتي، لكي أنفع نفسي وأنفع به الناس من خلال رسالة الكتابة والتي أسأل الله أن يوفقني فيها ويجعلها في مداد حسناتي، وأن يكون ذلك خير أثر لي، فنهضت وتوضأت وصليت الفجر وحمدت الله وشكرته على نعمه الكثيرة علي ،ونمت مطمئناً غير خائفاً من حياة الدنيا وحياة البرزخ لحسن ظني في الله.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …