العتمة والضوء في الحياة

الظلام أو العتمة مهمة في الحياة كالنور أو الضوء وهما متضادان والدليل هو أنك ترا النور بالسماء في شدة الظلام بحيث ترى النور والظلام متجليان أمامك من نجوم وقمر فالكون يحتوي على أكثر من مئة مليار مجرة ،فمثلاً مجرة درب التبانة والتي فيها كوكبنا كوكب الأرض تحتوي وحدها على أكثر من مئة مليار شمس تراها على شكل نجوم ،وبرغم أنها تظهر بهذا العدد الهائل من النجوم والمفترض بأن نحظى بليال ساطعة من الضوء كالنهار ،ولكن الإضاءة تكون خافتة والغالبية هي الظلام ولقد عزا العلماء سبب تلك الظلمة في السماء بأنه قد حدث هناك إنفجارهائل عند نشأت هذا الكون حيث قد أخذت بالتمدد منذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظة ولقد نتج عنها أجرام وأجزاء متناثرة في الكون من المجرات والنجوم قد أخذت تتباعد في الكون الفسيح، مما جعله يتمدد وأصبح مظلماً لضخامته لقوله تعالى “وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ”، لذلك صارت تلك النجوم نراها بالعين المجردة صغيرة ونورها ضعيف لأن هذه الإنارة قد حدثت منذ زمن طويل جداً حين ولادة الكون كما أنها بعيدة عنا جداً مما أدى إلى ضياع كم كبير من طاقتها، ونشأ عن ذلك التمدد الواسع مادة مظلمة ضخمة كثيفة حيث تقدر نسبتها بحوالي 75% من الكون وقد قال الدكتور مصطفى محمود رحمه الله ” بعدما تخرج الأقمار الصناعة وتدخل نقطة إنعدام الوزن نجد أن رائد الفضاء عائم في المركبة حتى أن نقطة الماء أوفرشة الأسنان تعوم وأن الأقمار الصناعية في تلك المنطقة تدور بسرعة تصل إلى 90 كيلو متر في الساعة بدون وقود  والطاقة هذه تسمى جرافيتي فيلد انرجي ” المجال الجوي الكوني” وهذه طاقة رهيبة وهو السر العظيم الذي تتسابق عليه أمريكا وروسيا وتجريان عليها أبحاث لمحاولة تطويع هذه القوة الهائلة وجعل الإنسان يتحكم فيها ويستفيد منها ،ومن خلال هذه الطاقة تستطيع هاتان الدولتان صناعة مركبات أو طائرات تعمل بهذه الطاقة لأن قوة الدفع بدون وقود” ،وأعتقد بأن هناك مخلوقات لا نعلم عنها شيئاً تعيش في ال75% من المنطقة المظلمة، فمستحيل أن يكون هذا الكون خاوياً وخرباً ، فالله لم يخلقه عبثاً وإنما بقدر ،وأقرب مثل على ذلك نحن في الكرة الأرضية ثلاثة أرباعها ماء بحار ومحيطات ولازلنا لا نعلم عنها إلا القليل وأقصد بذلك في ظلمة أعماق البحار والمحيطات، حيث تعيش هناك مخلوقات كثيرة لانعلم عنها إلا القليل، وكذلك بحالة الظلام والنور في كوكب الأرض نحن نعيش في نصفين نصف عليه النهار والنصف الآخر عليه ليل قال تعالى     ” لاالشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ” كما أن الليل والنهار مهم لدورة نمو النباتات والحيوانات والإنسان ،أما الأنسان فيكون الليل لديه هو وقت النوم و الراحة والسكون ،أما النهار فهو يكون وقت طلب العلم والعمل، إذا فنور الصباح يمنحنا الإحساس بالحياة والأمل والتفاؤل والتأمل والحرية والرزق وكما أن الإضاءة في المكان هي ضرورية في الليل من أجل تسهيل عملية معيشتنا وتحركنا في المكان وكذلك لإضفاء الجمال والزينة بألوان الأنوار على المساحة الإجمالية ،فمثلاً لا يعرف قيمة النور أو الإضاءة إلا من كان مسجوناً في سجن تحت الأرض في الظلام الدامس فلا يعرف ليله من نهاره وكذلك ينطبق معنى الظلام على الهداية والضلال فمن يطع الله فهو في نور ومن يكفر بالله فهو في الظلام لقوله تعالى ” الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” وكذلك حينما نشعر بهموم الحياة أو عندما نشعر بالخذلان حينها نمر بحالة حزن أو إكتئاب لذلك نشعر بالعتمة حيث الظلام والحيرة في داخلنا ولا نشعر بالنورإلا إذا استعنا بالله ثم بأنفسنا وبمساعدة من يحبوننا ،فنحن كمن يسير في نفق مظلم بالبصيرة حتى نرا النور في آخر النفق ونطلق النور على العلم والجهل نقرنه بالظلام ويقال في الأثر العلم نور والجهل ظلام ، كما أن هناك مخلوقات نعلمها وأخرى لا نعلم عنها شيئاً أو لا نستطيع رؤيتها بالعين المجردة بحيث لا تستطيع أن تتحرك إلا في الظلام مثل الخفافيش والبوم والجن والشياطين والعفاريت والمردة وبعض الوحوش المفترسة لأن الله قد هيئها لكي تعيش في الظلام لكيلا ترى تحركاتها ولا تكون مكشوفة للعين المجردة ولقد ذكر الله النور والظلمات في القرآن الكريم في عدة مواضع منها قوله تعالى     ” الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد” وقوله تعالى ” رسولاً يتلو عليكم آيات الله مبينات لتخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور” وغيرها من الآيات الكريمة ولذلك كان مهماً وجود العتمة والنور معنوياً وحسياً في الحياة وكلاهما المعنوي والحسي جنود من جنود الله فسبحانه ملك الملوك.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …