أشياء ملهمة

تتيح لي بعض الأمكنة والأجواء الجميلة بالشتاء والربيع الإلهام مع الهدوء والرغبة في التأمل، بحيث تترى علي بعض الأفكار لأن هناك مساحة من الهدوء ونسمات الهواء الباردة المنعشة و التأمل الكثير ولذلك التركيز يكون عالي للقراءة الورقية والألكترونية أو إستماع بعض الكتب الصوتية ،وكما تحضر الكتابة والتي تريد المشاركة في كل وقت وبكل مكان، وأشعر بلحظات من السعادة كوني أمارس ما أحب بعيد عن حياة مليئة بالقلق والصخب والإيقاع السريع ،والأمكنة الملهمة لي حينما أكون في المزرعة أو بالشاليه على البحر أو بالإستراحة أو بالحديقة الشاسعة أو حينما أكون في البر بعد ظهور العشب وأزهار الربيع أو حينما أكون مسافراً أو الأماكن الأثرية أوحينما أكون مسافراً و قد إخترت السكن في بيت خشبي قديم بالريف بالقرب من غابة ويشنف سمعي صوت خريرشلال الماء من أعلى الجبل وصوت الرعد والبرق وسقوط المطر وصوت وشيش الأشجار وجريان النهر الذي يبعد عني حوالي عشرات الأمتار، ويطربني غناء الطيور كما أحب إستنشاق الهواء النقي بعمق وأشرب من الماء الحلو الجاري للنهر وأحب المشي كثيراً وقيادة السيارة والتأمل في هذه الأجواء حيث أتامل النباتات والأشجار والحشرات والطيور والحيوانات، فالمسافر عادة يريد أن يرى الأماكن البعيدة الغريبة ليعرف ويفهم ويرى الجانب الأخر من النهر والجبل أو البحر ويرى كيف يعيش الناس وماهي عاداتهم، حيث يدفعه الفضول والمغامرة كما أن الرحلة مزيج من الخوف والشجاعة، لذلك أنا أكون سعيداً حينما أكون في قارب خشبي في البحر أو النهر وأتحدث مع صاحبه حيث أنه رجل بسيط جداً وسعيد بحياته ودائماً مبتسماً ونشرب الشاي أو القهوة سوياً أو نتناول الطعام وكيف أنه يعيش هو وعائلته في القارب لأن حياته ورزقه في البحر شأنه شأن الصيادين الآخرين الذين يمتلكون قوارب، وكنت الاحظ حتى الأحجار والجبال تكون مختلفة من منطقة إلى  منطقة ومن أقليم إلى أقليم آخر، وأستمتع بسقوط الأمطار في تلك الأمكنة لأني أشعر بالسعادة وبالراحة النفسية وبأن دعائي في تلك اللحظات مستجاب حين نزول المطر ،وأتذكر رحمة الله بعباده ومخلوقاته فيما لو أنه قد منع المطر دوماً فسوف تموت مخلوقات كثيرة من الجوع والعطش ولكن رحمة الله واسعة، وأشعر بأن أمكنة كهذه تساعدني على إطلاق شرارة الإبداع و تمنحني التفكير بروية وعمق عن ماذا أريد تحقيقه في المستقبل ومايمكنني الإستغناء عنه أو تخطيه كما أنها جميلة وتهزني من الداخل، لذلك أعود بعد الإجازة وأنا منتعش و خالي من الهموم والقلق وممتلئ بالطاقات الإيجابية ومقبل على الحياة والعمل أكثر، فميزة القراءة أنها تساعدني على السفر لأمكنة أنا لم أزرها من قبل والتعرف على أصدقاء لم أكن أعرفهم كما أن الكتابة تجعلني أسافر لأماكن أبعد لعوالم في الكون أو تحت الأرض عن طريق الخيال ، فلذلك الأمكنة الجديدة والأجواء الجميلة والعابرين الذين أتعرف عليهم يلهمونني بقصص لأكتب عنها وأشعر بأن الحياة عالم واسع وكبير لم أكن أعرفه من قبل، لذلك كنت أحرص على أن ترافقني بعض الكتب والأوراق والأقلام في حقيبة السفر أو بسيارتي وحرصي على الأوراق والقلم بالذات حيث قد تأتي الفكرة في أي لحظة وإذا لم مستعداً لها وأسجلها بسرعة فهي تذهب ولا تعود ففكرة الكتابة أشد تفلتاً من الأبل،فكما أن الكتابة تأتي  من خلال الأجواء والأمكنة الجميلة ، فهي أيضا تأتي من معاناة الكاتب أو حينما يتأثر بمعاناة بعض الناس أوحين الإستماع لموسيقى هادئة أو موسيقى شجية أو أغنية كلماتها ولحنها جميل مع فنجان القهوة،ولذلك من خلال أفكار الواقع بهذه الأمكنة والأجواء فالكاتب يجمعها في كتاباته ويضيف لها الخيال الواسع الممتع مما يضفي على النص الجمال سواء كان خاطرة أو قصة أو راوية ويكون في غاية الإبداع.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …