البعض يعتقد الثقافة أن تكون مؤدلجًا ومتكسبًا لفئة معينة، ولكن المفترض أن تؤدي بك ثقافتك إلى زيادة فكرك ووعيك وإيمانك بالله، فتكون موضوعي الفكر دليلك برهان ووعيك ميزان محايداً وقت الحياد ، منحازاً للحق أو ان الأنحياز من خلال سعة الاطلاع والتأمل في ملكوت الله والتوصل إلى أنك قد عرفته أكثر من خلال قراءتك وأفكارك الجديدة وتجاربك؛ لذلك تعظمه وتخشاه، قال تعالى: «إنما يخشى الله من عباده العلماء»، والثقافة ليست أن تتمرد على قيمك ومجتمعك ووطنك، أو تتعالى على الآخرين، ولكن ثقافتك المفترض أن تجعلك تتواضع أكثر للناس وتتحمل بعضهم والبعض الآخر تلزم علمه وتجاربه لتنهل منها؛ لأن وعيهم لم يصل إلى وعيك، ولا تجعلك ثقافتك تشطح بفكرك أو تلحد وتظل في برجك العاجي متعاليًا على الآخرين، فهذا ليس بعلم، ولكن ذلك ينم عن جهل، فالإلحاد يدل على أن لديك خللًا أو نقصًا في علمك، وتحتاج أن تنهل مزيدًا من العلم والأبحاث والتجارب، كي تصل إلى أن الله سبحانه هو خالقك وخالق هذا الكون من العدم، وهو المدبر، وهو الذي وضع قوانين لهذا الكون، وكل شيء في الحياة، وأن كل شيء يمشي في الحياة بدقة ونظام حتى في الذرات والإلكترونات، قال تعالى: «وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا»، فالثقافة أن تتعرف على أفكار وأشياء إيجابية في الحياة أو الكون، قد تختلف عن تفكير غالبية المجتمع، أو قد تختلف معهم مثلًا في أمور فرعية بالدين وعادات وتقاليد المجتمع، مدعوماً بدليل وبرهان وحجة وهذا من حقك وأنت تسير على منهج تنويري، والناس مهما اختلفوا معك في بعض أفكارك فهم مع مرور الوقت سيؤمنون بتجربتك وأفكارك في العلم والحياة، فهذا هو العلم المفيد لتطوير النفس، وبالتالي مثريًا ليس لنفسك ولمجتمعك فقط وإنما للبشر، فالعلم ليس غاية، ولكنه وسيلة لفهم الحياة والنفس وتربيتها وكيفية التعامل الحسن مع الآخرين ولحفظ الأخلاق وتطوير القدرات الذاتية وزيادة الوعي وتطوير تعاملك في أمور الحياة وكيفية التعامل مع أصناف الأمور الفكرية وفلترتها واختيارك منها الجوانب المفيدة، وليس الثقافة أن يجعلها المثقف غاية لتحقيق مكاسب مادية أو للشهرة، ولكن المفترض أن يجعلها وسيلة معرفية لله كي يرتقي بها المثقف نفسه في مجال القول والعمل والقدوة الحسنة، وأن تسخر هذه القدوة لمنفعة نفسه ثم لدينه ووطنه ومجتمعه بعيدًا عن أي غرض لتحقيق مكاسب مادية أو سياسية أو أيديولوجية.
سلمان محمد البحيري