تأملات في حالة المرض

عند الشعور بألم المرض الشديد، تحاول أن تكون متماسكاً وتستطيع كبت ألمك أمام الآخرين، ولكن حينما تكون وحيداً فأنت تشعر بالحاجة للبكاء ولا تشعر إلا والدموع قد إنهمرت من عينيك، ويكون هذا الألم متراكماً مع آلام أخرى وهموم حبستها من قبل في داخلك منذ زمن وثم جاء الوقت لتتحالف معاً عليك لتنفجر وتفيض من الأعماق  وتخرج إلى الظاهر من خلال عينيك وبكائك بكاء كان قد خزنه الكبرياء والكرامة وقد تفجر من خلال هذا المرض الموجع بسبب تأمل صادق وملامسة صادقة لنفس متعبة لاتحب أن تؤذي أحد صادقة محبة تحب أن يكون الناس و الذين تعرفهم سعداء وبخير، ولكن مع هذا الألم ومابعده أخذت تشعر هذه النفس بأنها في وقت الخريف حيث تتساقط أوراقها حيث تدخل في محاسبة و لوم للنفس وأسئلة حيث الإسراف في كلمة لو وحزن عند كلمة ليت وقبول بالأمر الواقع عند كلمة لكن وإعادة للحسابات عند كلمة سوف والمكوث كثيراً عند الأمل بكلمة سأحاول وإعادة حسابات مع الآخرين عند كلمة لهذا كل ذلك حدث معي منذ مساء يوم السبت في آخر الليل حيث شعرت بألم في جنوبي وبطني وظهري وشعرت بضيق التنفس وشعور بحرارة في صدري، لقد كدت أفقد الحياة في تلك الليلة لولا لطف الله ولقد أخذني ابني محمد للأسعاف فوراً ،ولقد كنت متردداً في الذهاب للمستشفى بسبب الحالات المصابة بكورونا  بهذه الأيام التي تستقبل في الأسعاف،فكنت أحمل هذا الهاجس ولكن الألم حينما أزداد لم يترك لي خياراً آخر فتوكلت على الله وذهبت لأسعاف المستشفى وعندما وصلت هناك أخذوا بقياس الحرارة وأخذوا عينة من الدم وتم تحليل الدم وأعطوني محلول مع أبرة وبعدما هدأت قليلاً لاحظت أن وتيرة الألم قد أخذت تزداد حتى صار أعظم من السابق فأخذوني للأشعة وأكتشفوا بأن لدي حصوة كبيرة على باب المرارة فقرروا لي العملية فوراً وأخبروني ووافقت وتم عمل العملية في الصباح الباكر ولقد عشت فترة التنويم في المستشفى لمدة أربع أيام بشعور ثقل الزمن فلم أعد أفرق بين الليل والنهار إلا بساعة الجوال وكان نومي قليلاً ومتقطعاً وكنت حاملاً هم والدتي وزوجتي، وكان أولادي محمد وعبدالعزيز وإبراهيم يتناوبون عندي وكنت لا أريدهم مرافقين لي خوفاً عليهم أن يصابوا بفيروس كورونا ولكنهم كانوا يلحون ويتفانون في خدمتي وتأمين الراحة لي ولأهلهم وكانوا قد قاموا بمسؤولية المنزل تجاه أهلهم وكأني موجود وعندما أعلنت عن خبر تنويمي في المستشفى ووضعتها في حساباتي بالسوشيال ميديا أدركت محبة الناس لي سواء كنت أعرفهم أو لا أعرفهم بداخل السعودية وخارجها وجاءتني بعض الاتصالات على الجوال وأعتقد أن هذه المحنة قد أثرت فيني إيجاباً وجعلتني أعيد حساباتي في الحياة و مع الآخرين وقد شعرت وقتها بان حياتي قد أصيبت بالشلل حينما توقفت عن الكتابة،وقد لاحظت بأنه لم يقلق علي ويهتم بي إلا بعض المحبين من العائلة والأصدقاء المقربون جداً وكان بعضهم يريد زيارتي في المستشفى فرفضت خوفاً على صحتهم، لذلك قمت بمحو أسماء كثيرة في الجوال كان لاداعي لها بعدما شفيت تماماً وفهمت معنى شدة المرض ومن يحبك ويأبه لوجودك،فبرغم أن التجربة كانت مؤلمة ومرعبة ومرة لي ولكن جعلتني أرى بوضوح والحمد الله على كل حال حيث أصبحت أهتم بالأكل الصحي والبعد عن الدسم والزيوت المهدرجة وأمشي في محيط المنزل صباحاً ومساءً لكي أستعيد لياقتي وصحتي بالكامل، كما فترة منع التجول ستساعدني أيضاً للأنتهاء من مسودة الكتابين كتاب حكايات من الحياة والخيال وكتاب مؤنة الإيجابية واسأل الله التوفيق في تأليفهما ونشرهما.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …