تمر علي أحياناً فترات أشعر فيها بالحيرة والعجز والضعف والقلق وأدخل في حالة إكتئاب ، وتصل في بعض الأحيان لمرحلة البكاء لدي نعم أبكي ، أشعر بضيقة صدر شديدة وأني عاجز لاحول لي ولاقوة ، وأشعر بالقلب ثقيل والعقل مثقل ،كأني في دوامة تجرني إليها إلى الأسفل بقوة بحيث إختل توازني وثباتي برغم معرفتي بالسباحة ولكني أكاد أغرق و أفقد نفسي وأني أنادي بأعلى صوتي على من حولي ولكن لا أحد يسمعني بسبب ضغوط في العمل والمنزل وحالة أهلي الصحية ومسؤوليتي عن أسرتي وأشعر بأنه لايمكنني الاستمتاع بأي شيء على الإطلاق ،وأشعر بالإختناق لكثرة الضغوط لضيق حالي،لشعوري بالعجز والتقصير وأن حالتي النفسية قد أخذت بالتدهور لشعوري المفرط بالتوتر والضغط النفسي وتصيبني حالة متلازمة القلق ويهجرني النوم ، ثم أفكر كثيراً كيف المخرج و كنت أخرج من هذا الحال حينما اتوضأ وأصلي وأدعو الله كثيراً وأشكو له الحال ثم بقراءة القرآن وأضع برنامج لمدة شهر أبدأ به في الصباح بحيث أقرأ في بعض أنواع الكتب المتنوعة بحيث كل يوم أقرأ كتاب ثم يتلو ذلك في المساء كتابة أفكاري على دفتر إلى جانب شرب كوب دافئ من القهوة أو النسكافيه وأمارس رياضة المشي في المنزل أو بالحديقة أو بالممشى، بعدها آخذ دشًا سريعًا ، وافتح جهاز الحاسوب لتدوين ماكتبته في المدونة ومطالعة بعض القنوات في اليوتيوب لكي أثري معلوماتي و محاولاً إشغال نفسي وذهني وقلبي لتجنب الإكتئاب ولكي أقوي المناعة النفسية والجسدية لدي ،وبعدما مشيت على هذا البرنامج بأيام لاحظت أن إكتئابي قد خف كثيراً وجعلني اتناسى الأفكار السلبية التي قد تراودني ،ولقد وجدت آيات في القرآن الكريم تتكلم عن الإكتئاب وتذكر العلاج أيضاً ، ومن العجيب بأني قد غفلت عنها ولم اتأملها ولم أفهمها فعلياً إلا عندما جربت تلك الحالة المؤلمة
قال تعالى :
“وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ”
“وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ”
“َوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ ۚ أُولَـٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ”
فتأملتها جيدًا ، وعدت وقرأتها مرات ومرات إن ما ذُكر في تلك الآيات هي تمامًا تصف الحالة التي يعيشها الإنسان المكتئب ولقد وصف الله سبحانه ضيقة الصدر التي تشبه الاختناق الذي يشعر به من يحاول الطيران إلى طبقات السماء العليا ، كلما ارتفعت عن الأرض زاد ضغط الهواء فتتثاقل الرئتين و التنفس يصبح أصعب و الصدر يضيق عليه ، وكذلك المعيشة الضنك ،و الويل للقلوب القاسية ليست القاسية على الآخرين فقط وبل القاسية على أنفسها التي لا تعطي لذاتها الحق في التواصل مع الله وطاعته والإستعانة به ، فكما تعلمون ، نحن الذين بحاجة لله ، وليس الله بحاجة لأي مخلوق سبحانه و تعالى ،و لذلك هذا العلاج الحقيقي للإكتئاب ولقد إرتحت بعد ذلك وشعرت بالقوة و كأني أزحت صخرة عظيمة كانت على صدري ، فالتواصل مع الله عن طريق الصلاة والدعاء والأذكار وقراءة القرآن وقراءة الكتب غذاء ودواء للروح والقلب والعقل ، لذلك يجب بأن لا أغفل عن ذلك مهما كان وضعي وظروفي ، لذلك صرت أشعر بالتعافي والتحسن لأن ذلك صار بالنسبة لي كحصن دفاع من كل مخاوف اليوم والليلة ، ولاحظت بأني صرت آخذ الأمور في الحياة بصبر وبروية وأمل وتفاؤل وتأمل بأن المصاعب والحواجز ستزول مادمت مستعيناً بالله ليقيني بأن الفرج سيأتي وأنه علي أن أستمر في ذلك في حالة الرخاء والشدة، لذلك قال تعالى
“مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً”
“أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِين”
“أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”
“فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ”
” أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ،وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ،الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ،وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ، فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا،إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا،فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ،وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَبْ”
لذلك إنشراح الصدر والسعادة والبصيرة في الحياة تأتي حينما لانغفل عن تلك الأمور فكل إنسان منا معرض لمصاعب الحياة وأن خارطة الطريق فيها تكون بعدم أهمال الروح والعقل والقلب لكي لايصبح الإنسان هشاً تتوغل فيه الهموم وتسيطر على نفسه ثم يكون معرضا للأمراض النفسية والبدنية.
سلمان محمد البحيري