نعم الزمن لا يشترى ولا يباع ولا يعود. هذه المقولة الجزء الظاهر منها صحيح، وأما العميق فيها هو أنه باستطاعتك أن تشتري لك زمناً وحياة في المستقبل بالحياة الأخرى، وأنت من يحدد ذلك من خلال عمل ينفعك وينفع الناس حتى بعد رحيلك بحيث يخلدك هذا العمل ويذكرك الناس به إما عملاً أو علماً ينتفع منه المجتمع والإنسانية، لذلك ما تقضيه من وقت في هذا العمل أو العلم لا يضيع ولا يذهب هباء، وإذا أردت بأن يكون لوقتك قيمة فلا تعش في هذه الحياة على الهامش بدون هدف، لذلك بعض الناس الفارغين لديهم فوبيا من الوقت لأنهم يشعرون بالفراغ وليس لديهم شيء يعملونه أو يتعلمونه لذلك يشعرون بالملل وبالطفش والكآبة وبأن ذلك ينقص من أعمارهم لأنهم يعيشون في حياة بائسة وفانية وقصيرة، كما أن ما يريح ويربح في جانب الوقت هو التجارة مع الله في أوقاتك بالعمل والعلم وبالذكر والأعمال النافلة وحتى لو كانت في نظرك صغيرة مثل أن تزيل الأذى عن الطريق أو تسقي طائراً أو تطعم حيواناً أو تقضي حاجة إنسان من خلال شفاعة حسنة أو تعطيه إذا علمت أنه محتاج أو مدين أو تطعم جائعاً أو إصلاحك ما بين متخاصمين، حينها تشعر أن وقتك الذي أهدرته في هذه الأعمال الإيجابية التي هي لوجه الله وليست لأجل الرياء قد حفظه الله لك واستثمره لأجلك في الحياة الأخرى ويمد لك في عمرك فصنائع المعروف تقي مصارع السوء،و صلتك للرحم تزيد في العمر فتكسب حياة أخرى لم تحتسبها، وأنه قد بارك لك ورزقك في أمور كما صرف عنك من سوء الأقدار بما لا يخطر لك على بال، لذلك غير نظرتك البائسة عن الحياة الدنيا وبأن الوقت عبارة عن عقارب الساعة واعتقادك بأن كل ثانية ودقيقة وساعة هي ضياع من العمر وتذهب هباء من حياتك ولا تعود وبأن الزمن لا يشترى ولا يباع.
سلمان محمد البحيري