الواقع المر في ربيع العمر

أصبحت زحمة السير ظاهرة يومية في حياتنا، في كل الأوقات، نجد السيارات والشاحنات والصبات تملأ الطرقات، وهذه الزحمة تعتبر كابوساً يومياً قد يؤدي الى مشاكل نفسية عديدة أوّلها التوتر، في إحدى شوارع الرياض كنت أسير بسيارتي فوجدت نفسي قد دخلت في دوامة عميقة من الزحام والتلوث وإزعاج من المحركات ومنبهاتها، فأروع بمنظر حادث حزين للعين،لاشعورياً أجد نفسي هارباً من واقع سيء، وأعيش في خيال جميل لحياة هادئة تحمل البساطة ليومها مع نسيم الهواء المنتعش برائحة الزهور وصوت الطيور متذكراً يومي في المزرعة بنخيلها وبأشجارها الخضراء!! حيث يبدأ يومي مع بروز الضوء للصباح وشروق الشمس لتطل من خلف الجبل العالي وتعلن عن يوم مليء بالتفاؤل والنشاط لأداء العمل بين الزرع وجريان الماء المنعش ،ويتخلل وقتي راحة لقضاء الصلاة وتناول فنجان قهوة مع تحلية ببصع تمرات من إنتاج المزرعة ، ومن ثم الغداء وسط العريش بالمزرعة ،وينتهي يومي لحظة غروب الشمس لترحل ويختفي الضوء مع الظلام ومن ثم تبدأ راحة الجسد بالنوم الجميل في نسيم الهواء المنعش ،ويطل يوم جديد مع هديل القماري وشروق الشمس وغناء العصافير مع هدير الماء المنساب في الجداول، ليبدأ يومي بالتسمية بالله والتوكل عليه،وأدخل مزرعتي متحزماً بغترتي حاملاً مسحاتي ومتسلحاً بمنجلي ،للتنقل في حقول القمح والخضار ومابين النخيل وأشجار الفاكهة من رمان وموز وتين وعنب وتفاح ،ماراً على المناحل لأتذوق العسل، ثم أحصد كمية من البرسيم لأضعها للإنعام ،حتى أحصل على حليبها مع الفطور وسط الحقل لأكمل بقية عملي ، وفجأة يختفي الحلم الجميل عندما أضاءت الاشارة الخضراء ! وبدأت الأصوات بالإرتفاع للتنبيه للسير، أصحوا على الواقع المر المليء بالقلق والخوف ومحاولة الهروب من هاجسه، برغم ربيع عمري وحيوية الشباب.!!

سلمان محمد البحيري

About سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

Check Also

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …