عندما كنت في زيارة لدولة مصر الشقيقة مع قريب لي حضرنا خطبة صلاة للجمعة في جامع بأحد أحياء القاهرة ثم كانت خطبة الإمام عن المذاهب الأربعة
وهي الشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل ومالك وشرح الإختلاف في ما بينها في الفروع وليس في الأصول ثم تطرق إلى السعودية وهاجمها واصفاً إياها بالوهابية وأنه مذهب لاوجود له وأنه معتقد قائم على الإرهاب والتكفير وبعد أن فرغ الإمام من خطبته قلت لقريبي:لا بد لهذا الإمام أن يعرف الحقيقة فإذا كان جاهلاً فعذره معه وأما إذا كان مفترياً ومكابراً فإن ذنبه شديد المهم نبرئ ذمتنا ونزيل هذه الفرية السيئة عن وطننا ،فقال قريبي لي: إن شاء الله سنكلمه بعد أن نفرغ من الصلاة ومن حسن الحظ أنني قد أحضرت كتاباً من كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب واسمه كتاب “التوحيد الذي هو حق الله على العبيد” ومكتوب عليه إسم المؤلف محمد التميمي. ثم بعد الصلاة أتينا للشيخ وإمام الجامع وسلمنا عليه وعرفناه بأنفسنا وأخبرناه بأننا من السعودية وقلنا له بأن ما ذكرته عن السعودية والوهابية غير صحيح فقال كيف غير صحيح؟! فقلنا يا شيخ نرجو أن لا تكون بما قلته معتمداً على رأي غيرك فيما تسمع وتعتقد ،وإنما كن طالباً للحق مدافعاً عنه مهما يكن القائل به، وندعوك إلى مجانبة الباطل والخطأ مهما يكن قائله، وعليه فلو أنك اطلعت على كتاب من كتب الشيخ – رحمه الله والتي منها (كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد) لعلمت مقدار علم الشيخ، ومدى أهمية دعوته، وحجم المغالطات والافتراءات المختلقة عليه بأنه فكر أو حركة وهابية سلفية إذا عرفت ما تقدم يتبين لك أنه شيخ عالم من العلماء وفقه الله تعالى إلى الدعوة إلى توحيد الله تعالى وإلى الاعتصام بالكتاب والسنة وأنه شيخ وعالم مجدد لم يأت بفكر ولا إختراع ولا إبتداع وإنما دعا إلى ما كان يدعو إليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه. لكن الأعداء لمزوا الشيخ تنفيراً من التوحيد فقالوا: (فكراً وهابياً) وتبعهم بعض الجهال من الكتّاب والمؤرخين ومن عنده (ثقافة) وليس علماً فقالوا: (الحركة الوهابية) والحق أنها دعوة إلى التوحيد النقي الصافي ونبذ الشرك، دعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة.
مؤلفاته كثيرة جداً نذكر بعضاً منها، فقد قام بتأليف عدد من الكتب والرسائل، وقد عرفنا من مؤلفاته الكتب التالية:-
1 -كتاب التوحيد: وهذه الرسالة هي من أشهر مؤلفاته، والاسم الكامل هذا الكتاب هو: كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد. وذكر فيه معتقده حول حقيقة التوحيد وحدوده، والشرك ومفاسده.
2 – كتاب كشف الشبهات: ونستطيع أن نسميه تكملة لكتاب التوحيد، والحقيقة أن جميع كتبه تتعلق بمحور واحد ويمكن أن يقال إنها كلها تكملة لكتاب التوحيد.
3 – كتاب الأصول الثلاثة: وهي معرفة الرب، ومعرفة دين الإسلام، ومعرفة الرسول.
4 – كتاب شروط الصلاة وأركانها: وقد شرحت هذه الرسالة شروط الصلاة وهي: الإسلام، والعقل، التمييز، رفع الحدث وإزالة النجاسة، وستر العورة ودخول الوقت واستقبال القبلة، والنية، وذكرت أركان الصلاة وواجباتها.
5 – كتاب القواعد الأربع: حيث ذكر في هذه الرسالة اعتقاده في بعض مسائل التوحيد.
6 – كتاب أصول الإيمان: وبين أبواب مختلفة من الإيمان بالأحاديث النبوية. ويظهر من عبارة في بداية الكتاب أن بعض أولاد الشيخ قد أضاف إليه.
7 – كتاب فضل الإسلام: وقد وضح فيه معتقده حول مفاسد البدع والشرك، وشروط الإسلام.
8 – كتاب الكبائر: ذكر فيه جميع أقسام الكبائر، واحدة واحدة، مفصلة في أبواب، وقد دعمت الأبواب كلها بنصوص الكتاب والسنة.
9 – كتاب نصيحة المسلمين: وهذا كتاب مستقل قد جمع فيه أحاديث تتعلق بجميع نواحي التعليمات الإسلامية.
10 – كتاب ستة مواضع من السيرة: وهي رسالة مختصرة توضح ستة أحداث من السيرة النبوية، والمواضع الستة هي:
ابتداء نزول الوحي.
تعليم التوحيد والرد على الكفار.
قصة تلك الغرانيق العلى.
ختام أبي طالب.
منافع الهجرة وعظاتها.
قصة الارتداد بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
11 – كتاب تفسير الفاتحة: وهو تفسير موجز جداً لسورة الفاتحة.
12 – كتاب مسائل الجاهلية: وذكر فيه مئة وإحدى وثلاثين مسألة خالف الرسول صلى الله عليه وسلم فيها معتقدات أهل الجاهلية.
13 – كتاب تفسير الشهادة: وهو تفسير لكلمة “لا إله إلا الله”، مع ذكر أهمية التوحيد.
14 – كتاب تفسير لبعض سور القرآن: وهي مجموعة لبعض تعليقاته على آيات وسور مختلفة من القرآن.
15 – كتاب السيرة: وهو ملخص من كتاب السيرة لابن هشام.
16 – الهدي النبوي: وهو ملخص لكتاب زاد المعاد للإمام ابن القيم.
فالشيخ محمد إبن عبدالوهاب يعتبر من مجددي الدعوة في الجزيرة العربية مثل عبدالحميد بن باديس في الجزائر وحسن البنا في مصر وتقي الدين الهلالي في المغرب أبو عبدالله ابن أحمد عرفه. بل يكاد يجزم الكثيرون بأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو أبرز رمز تجديدي ظهر بعد رحيل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عام 728هـ ولقد جاء في وقت ساد فيه الجهل والتخلف والشرك بالله من عبادة الأصنام والقبور ولقد جاء الشيخ محمد بن عبدالوهاب مجدداً وداعياً بدعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم القائمة على عبادة الله وحده وهو يعتبر عندكم مثل الشيخ حسن البنا فهل نقول إن المصريين يتبعون المذهب البناوي ،فالسعودية يا شيخ على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ثم هز شيخ الجامع رأسه وهو ينظر باهتمام وإستغراب ثم أستأذناه بأن نعطيه كتاباً ليقرأه ثم أحضر قريبي كتاب التوحيد في حق الله على العبيد وأعطاه الشيخ وقال سأقرأه وسأقول لكم رأيي فيه بعد صلاة العصر ثم جاءت صلاة العصر وصلينا معه ثم أنصرف غالبية المصلين ثم قربنا من الشيخ فقال لنا هذا الكتاب جيد ويحث على توحيد الله بالعبادة وعدم الشرك به فقلنا له هذا كتاب الشيخ محمد بن عبدالوهاب فقال إنه نفس الذي تعلمناه في الأزهر وهذا هو الدين الصحيح وقلنا له يا شيخ إن السعودية قامت على دعوة الشيخ محمد ابن عبدالوهاب ثم بفضل الإمام محمد بن سعود واتفاقهما معاً على الحكم بالشريعة الإسلامية وتم توحيد البلاد بعد ما كانت متشتتة تسودها التشرذم والجوع والفقر والنهب والسلب ولا أحد يأمن على نفسه فجاءت هذه الدولة وحكمت بالشريعة الإسلامية فحمت لنا الدين والنفس والعقل والمال والعرض ونشرت الدين وحمت الحجاج والمعتمرين وترعاهم سنوياً وقيامها بعدة توسعات عدة في الحرمين الشريفين ولا زالت مستمرة وتقوم بنشر الدعوة الإسلامية في العالم وأنشأت مصنع لطباعة المصحف الشريف وترعى مسابقات القرآن الكريم في الداخل والخارج وتقوم بمساعدة الدول المحتاجة ولقد بلغت نسبة هذه المساعدات في بعض سنوات عقد الثمانينات والتسعينات أكثر من 6% من إجمالي الدخل القومي، هذا في الوقت الذي لم تصل فيه الدول الصناعية في مجموعها إلى المعدل المتواضع الذي طالبت به الأمم المتحدة لتدفق المساعدات من الدول المتقدمة (الصناعية) إلى الدول النامية وهو 0.7% من إجمالي الناتج القومي. وعندما سمع الشيخ هذا الكلام اغرورقت عيناه بالدموع وقال جزاكم الله خيرا على توضيحكم لي فوالله لقد كنت جاهلاً بذلك ولقد إرتكبت ذنباً وأنا لم أعلم ولا بد أن أكفر عنه ولقد تهجمت على أرض الحرمين ودولة تخدم الإسلام والمسلمين وأعدكم في خطبة الجمعة القادمة سأصحح هذا الخطأ وأعتذر، فلما جاءت الجمعة وحضرنا ثم جاء الشيخ واعتلى المنبر لخطبة الجمعة، قال لقد ذكرت عن السعودية واتهمتها بالوهابية وكنت أعتقد أنه مذهب أو فكر ولكن هناك إخوان جزاهم الله خيرا وضحوا لي ذلك ثم أخذ يذكر للمصلين ما وضحناه له فمن خلال هذه القصة الحقيقية يتضح لنا أن هناك نوعين من يصف السعودية بالوهابية إما أن يكون جاهلاً مثل هذا الشيخ من خلال معلومات مغلوطة من الإعلام مضللة أو يكون متعمداً مثل معتنقي المعتقدات الفاسدة القائمة على الشرك وعبادة القبور مثل بعض الصوفية أو الرافضة فنحن نقول لهؤلاء نحن تحررنا من عبادة القبور والأصنام وتقديس الأولياء إلى عبادة الله رب العالمين بسبب دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب تجديدا لرسالة نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين كما أدعو شركات الإنتاج والمحطات التلفزيونية إلى عمل فيلم كبير بعدة لغات يتكلم عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب لتسجيل تلك الفترة ليراها ويطلع عليها هذا الجيل والمسلمون وغيرهم وكيف كان مجتمعنا في ذلك الوقت وما هي المصاعب التي واجهتها الدعوة وكذلك عندما وضع يده في يد الإمام محمد بن سعود وقامت الدولة السعودية وبذلك يكون هذا العمل رد إعلامي لكل جاهل وحاقد ونشر لدعوة الإسلام.
سلمان محمد البحيري