يعد الإعلام مهما لبناء الدولة، وبل يعد من مقومات السيادة الوطنية ورموزها، ولقد أصبح دوره مهماً في شرح القضايا وطرحها على الرأي العام، من أجل تهيئته إعلامياً، كما أصبح له القوة بعد توفر الوسائل وأدوات الاتصال الحديثة، فأصبحت له صوله في ثورة الإتصال والمعلومات؛ ليصبح العالم قرية إلكترونية.
فبناء أية دولة سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، يتطلب الإستعانة بمختلف وسائل الإعلام، فمشروعات التنمية لا يمكن أن تنجح إلا بمشاركة الشعب والمشاركة في بناء المواطن وتوعيته وتحصينه ضد أي غزو إعلامي وفكري معاد، كما أن دوره مهم في تنمية الوعي السياسي لدى المواطنين، وجعلهم يستوعبون ما يدور على الساحة الداخلية والخارجية، فلذلك لابد للإعلام أن يكون صادقاً وواعياً مع الشعب ومع المسئول، وكذلك لابد أن يحبب الناس على إختلاف مستوياتهم الفكرية بالإعلام، ولا بد أن يعبر بصدق وشفافية عن همومهم، ويسعى في إيجاد الحلول لمشاكل المواطنين عن طريق الإتصال بأصحاب القرار، الذين يملكون القدرة على الإصلاح والتغيير للأفضل، وفي هذه الحالة نزيل الإحتقانات السوداء على الإعلام؛ لأن صورته المشرقة تُرى للجميع بموضوعية وحيادية وأمانة، فلا يقتصر على المديح والثناء الكاذب، ولا يتلاعب بمنظومة الأخلاق، ولا يبتعد عن الواقع والحقائق، التي تمس جوهر حياة المواطن.
وكذلك لابد للمسؤول أن يتحلى بالشفافية وقبول الرأي الآخر، فمثلا في حالة المسؤول الواثق من نفسه، وما يقوم به من عمل وطني وأخلاقي، ليست لديه أية حساسية أو مشكلة لو سلط الإعلام الضوء عليه، وعلى ما يقوم به من عمل، وكذلك لو كان هناك حالة مسؤول آخر غير مبال بعمله، أو يقوم بعمل غير مخالف، فلو تجاهل الإعلام كلا الحالتين فهذا غير مقبول، ولو أبرز الإعلام حالة واحدة وتجاهل الأخرى فهذا غير جيد؛ لأن هذا الإعلام غير مستقل، ويخضع للمصالح الخاصة، لذلك يفقد المصداقية، ومع مرور الوقت ستحدث كوارث؛ لأن دور الإعلام الحياد فهو عيون المسؤول التي يرى بها الشعب، والعكس صحيح.
فالإعلام مهم؛ لأنه يعد هو وسيلة إتصال الشعب مع المسؤول، فإذا أنحاز الإعلام للمسؤول ولم ينقل رأي الشعب، أو واقعهم، وماذا يحتاجون، ولم يشاركم في همومهم ويحل مشاكلهم، فإن ذلك غش لصناع القرار، لأن الإعلام الصادق هو يعد مرآة للمجتمع فينبغي تسليط الضوء الإعلامي على كلتا الحالتين، ويقال للمحسن أحسنت، والمسيء أسأت، وذلك عن طريق النقد الهادف والبناء من غير تجريح، فالسلطة الرابعة مطلوب منها الصدق مع المسؤول ومع الشعب، مع الأخذ في الحسبان المصلحة العامة، خدمة للدين، ثم للمليك، ثم الوطن.
وتحضرني كلمة قالها الملك عبدالعزيز، رحمه الله، عندما قال لمستشاريه “قولوا لي الحقيقة، فلقد ضقت ذرعاً عندما يقال الشيوخ أبخص”؛ لأنه رحمه الله يريد أن يكون هناك حرية للرأي والعدل، حتى يكتب لأي عمل النجاح.
سلمان محمد البحيري