أعمل بأحد المستشفيات بمدينة جدة (السعودية) و قاربت فترة دوامي على نهايتها،وقد أبلغني المشرف أن شخصيه إقتصادية تتعامل بمئات الملايين في الأسهم قادم و علي إستقباله و إكمال إجراءات دخوله ، إنتظرت عند بوابة المستشفى و راقبت من هناك سيارتي القديمة جداً و تذكرت خسائري الكبيرة و أقساطي المتعددة ،و عندها وصل الهامر ليكمل مأساتي حيث حضر بسيارة أعجز حتى في أحلام المساء أن أمتلك مثلها يقودها سائق يرتدي ملابس أغلى من ثوب الدفة الذي أرتديه ، دخلت في دوامة التفكير في الفارق بين حالي و حاله مستواي و مستواه ( شكلي و شكله ) وقلتها بكل حرقه و منظر سيارتي الرابضة كالبعير الأجرب يؤجج مشاعري ( هذي عيشة )
عموما سبقته إلى مكتبي و حضر خلفي و كان يقوده السائق على كرسي متحرك ، ورأيت أن رجله اليمنى مبتورة من الفخذ إهتزت مشاعري
و سألته !! هل عندك مشكله في الرجل المبتورة !! أجاب بلا !!
قلت فلماذا حضرت ياسيدي !! قال عندي موعد تنويم !!
قلت و لماذا !! نظر الي وكتم صوته من البكاء وأخفى دمعه حارة بغترته و قال ( ذبحتني الغرغرينا ) و موعدي هو من أجل ( بتر ) الرجل الثانية ،عندها أنا الذي أخفيت وجهي و بكيت بكاءً حاراً ليس على وضعه فحسب
بل لكفر النعمة الذي يصيب الإنسان عند أدنى نقص في حاله ، ننسى كل نعم المولى في لحظة و نستشيط غضباً عند أقل خسارة ، لذلك أصبح المؤشر ليس للأسهم فقط ، بل لقياس مدى إيماننا الذي يهبط مع هبوطه تحسست قدماي و صحتي فوجدتها تساوى كل أموال و كل سيارات العالم وهذا غيض من فيض من نعم الله
وفى النهاية لا يسعنا إلا أن نقول (الحمد لله على كل ما أنعم به علينا )
أشكروا الله على كثيراً من نعمه ، إنّ فضله كان علينا عظيماً.
د. عبدالمحسن المطيري