التربية زمن المحنة فيها جهد وألم و ابتلاء و تمحيص، ولكن النفس لا تستطيع أن تتخلص من عواثق التعلقات ( بشخص، بالشهوات، مال، زوج، مستقبل عريض، جاه…) إلا في وقت المحنة. لأنها تُجبر على فقد شيء تحبه، عندها يطيش حجرها، و تبدأ تراجع ذاتها، عن رؤيتها وفكرتها عن الحياة و الأشخاص والماديات..
و كلما استحكمت حلقات المحنة فإن النفس تشعر بالضيق لدرجة الاختناق ( حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت) هذا الضيق يدفع الإنسان نحو تلّمس روحه، ذلك لأن الأسباب المادية التي تؤمن بها النفس والعقل قد نفذت واستكملت فرصها دون جدوى! عندها فقط تحاول الروح أن تخرج من حبس النفس والجسد ورغباته، و تتلمس خالقها فإن كان لها سابق صلة فيه كان الروح أسرع في الوصول إلى بغيتها و تحررها من قيد النفس…
عندها لا تعلم ما هي آفاق الفتوح ، و لن ترى عين جسدك بل سترى عين قلبك وروحك ما لاعين رأت و لا أذن سمعت… لأن الروح لا تنتمي إلى ذلك العالم المادي الذي تتحكم فيه الأسباب والمنطقيات… إنه عالم لا محدود، يخرجك من رجس نفسك إلى حربة الروح مع ملكوت علوي، يمسح ألمك ويسكب في روحك السلام والأمان، و السعة و الراحة، والسعادة الحقيقية.. عندها فقط تكون قد تحررت من ظلم النفس وولجت إلى العالم الحقيقي الذي منه جئت و إليه ستعود ….
و عندها فقط لا يهمك متى الفرج، و إنما تدرك ماذا عليك أن تفعل كي تخرج من المحنة إلى المنحة الإلهية التي ستكافئ يقينك و رضاك بما لا يخطر على بالك،
و عندها فقط سترى عين جسدك الخطوات الصحيحة التي عليك اتباعها في هذه المحنة وقلبك مطمئن …
و عندها فقط أنت إنسان متوازن صحيح، بروح وجسد وعقل و فطرة سويّة و قلب سليم … فهنيئاً لك .
أمل أحمد طعمة
Check Also
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …