أستاذي الجليل محمود لا زلت أتذكرك ولم أنساك ، لأنك قد حببتني في اللغة العربية والقصائد والنحو و البلاغة وبينت لي عن أهمية اللغة العربية في الحياة والتاريخ وتعلمنا منك عن المقامات وطبقات الصوت ، وهي معلومات نستفيد منها بأسلوب بسيط وجميل ،برغم عدم وجودها في المنهج، و فهمتني بأن اللغة العربية نحتاجها لفهم ديننا وأنها لغة أهل الجنة، وسلطت الضوء على الدرر التي بها ،و عرفتنا بأسرارها الكامنة ،كما كنت تهتم بمشاركتي بالمسرح والإذاعة المدرسية وعمل الصحف في الفصل وفي فناء المدرسة، ولقد كنت تشجعني على حسن التعبير من سجع ونثر و حببتني في الأدب والثقافة،وفتحت أفاق عقلي في ذلك الوقت على أن لكل أمه لها أدب وثقافة، وذكرت معلومات لي عن الأدب الأنجليزي والأدب الفرنسي والروسي وألألماني وأبرز الروايات ، ولا أنسى بأنك قد قلت لي أقراء القران كثيراً وأقراء الكتب حتى يقوى أسلوبك،وأكثر من الكتابة في التعبير ،وأن تحاول بأن تستشهد بأية قرانيه وحديث وبيت من الشعر في كل موضوع تكتبه، ولقد كنت تعطيني جرعات مكثفة من التشجيع والثقة في نفسي ،وكنت أحب بأن أسمعك وأنت تشرح بحماس عن القصائد، وتقول القصيدة بأسلوب جميل وتذكر وتوضح لنا الصور التعبيرية ، مما أثر علي وجعلني أهتم في وقت مبكر بالقراءة والأدب العربي ،ثم بعد ذلك صرت أكتب ،وأتذكر دوماً نصائحك في مجال التعبير وقريباً إن شاء الله سأنشر لي كتاب وهو بداية خير بإذن الله، وأشعر بأن هذا هو بفضل من الله ثم بفضلك يا أستاذي ،ولكن كيف القاك بعد رحيلك ، لذلك يا أستاذي قد أصبح الكتاب والأوراق والقلم وكوب القهوة رفقائي ،ودائماً أفتقدك يامعلمي الجليل فأنت لم تمت في نظري، ولكنك حي في كل كلمة أكتبها وبكل حرف أو نقطة أو فاصلة أضيفها.
سلمان محمد البحيري
شاهد أيضاً
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …