حينما كنت في زيارة لأحد الدول، وأضطررت لركوب القطار لأجل قطع المسافات الطويلة للجهة التي أقصدها،
جعلتني هذه الرحلة أتأمل وأكتشف الوجه الآخر لهذا الجمال ،وهذه البيئة البكر وأقول سبحان الله لأماكن لم يسبق لي زيارتها من قبل، إنها أماكن نادر وجود لمثيلاها في دول العالم إنها جنة الله في الدنيا، ولقد وجدت نفسي أشق المسافات ،ولا أشعر بالمسافة و أنا مستمتع و أتطلع من نافذة القطار إلى عوالم أخرى،
وتشدني تلك المناظر الطبيعية والجمال الخلاب والحياة البسيطة و ذلك التداخل العجيب ما بين البيئة البكر والحضارة و مظاهر الفقر والرفاهية، والحياة البسيطة والتطور، فهذا فلاح يعمل في مزرعته ،وتلك أبقار ترعى هناك، وهناك راع غنم مع غنمه،
و في الجهة الأخرى مظهر لعمال السكة الحديد يكسرون الحجر لأجل فلنجات سكة القطار تحت أشعة الشمس الدافئة ،كأنهم مساجين محكوم عليهم بالأشغال الشاقة،و بعدها بمسافة رأيت على الجانب الآخر هناك البحر وهناك قوارب الصيد وبعض اليخوت وبالقرب من شاطئ البحر شاليهات ومحلات للقهوة، والتي جلس مرتاديها في الهواء الطلق حيث كان هناك كراسي وطاولات لهذا الغرض ، حيث يحتسون القهوة ويتناولون الإفطار،
وفي الجانب المقابل تتراص بنايات فخمة محاطة بأشجار وبساتين وورود في حدائق صغيرة للمنازل غاية في الجمال، ثم بعدها بمسافات رأينا من يبيع الورود ومن هو فاتح منزله ليعمل للسواح طعاماً ومنهم من يبيع إنتاج المزراع على الطريق،و وجدتني أرى الفقر والغنى الفاحش، فجعلني ذلك أتذكر وأشعر بالتعاطف مع تلك الفئة التي في مجتمعنا التي لاتزال على قيد الحياة لتعاني و تصبر وفكرت طويلاً بالأمر، أعلم أن الفقر ليس عيباً ، وأعلم بأن الغنى ليس حراماً ،ولقد تذكرت قول الله تعالى (وخلقنا بعضكم لبعض سخرياً) وقوله تعالى (وفضلنا بعضكم على بعض في الرزق) ولكن المؤلم هو أن نعيش لأنفسنا و نستمتع بما لذ وطاب ،دون أن نفكر إنسانياً في إخواننا الفقراء والمرضى والمحتاجين والأيتام والمسنين، وذلك في خضم إنشغالاتنا ومسؤولياتنا في الحياة ،لقد إستحييت من الله ثم من نفسي لأني لم أستطع بأن أفعل شيئاً يكفي لأطفالنا و أمهاتنا و أبائنا الفقراء ،إنهم بكل أسف يعانون، لأن الغالبية لم تساعدهم وتتعاون معهم لأجل أن تكون لهم حياة كريمة أفضل،لذلك أسأل الله لي ولكم التوفيق في ذلك.
سلمان محمد البحيري